الاثنين، 29 يوليو 2019

(صوت القارئ) عن "قصة حب مجوسية" لـ عبد الرحمن منيف - محمود أغيورلي

عبد الرحمن منيف في "قصة حب مجوسية" يتحدث عن مراحل تطوّر الهوس العاطفي لدى الذكر حين تمر به إنثى في مرحلة فارغة في حياته، خالية من كل شيء، إذ يقوم بطل العمل بتطوير حالة هوسية "طفولية" بامرأة متزوجة لم ير منها سوى بضع نظرات صدفة في رحلة خارج المدينة، فيقوم بصنع صنم كبير لهوسه ذاك ويطوف حوله بحوارات داخلية مصطنعة يأخذ فيها جميع الأدوار، ينتصر حينا ويهزم أحياناً أخرى.
وحين يعود إلى المدينة، يشرع بالبحث عن محبوبته في كل مكان، في محطات القطار، في الشوارع، في المسارح، في دور السينما، متخيلاً في كل لحظة تلك اللحظة التي يلتقي بها مرة أخرى.
قد يستحضر القارئ في انتظار البطل قصيدة درويش "انتظرها" حين يقول: في الانتظار يصيبني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة/ ربما نسيت حقيبتها الصغيرة في القطار/ فضاع عنواني وضاع الهاتف المحمول/ فانقطعت شهيتها وقالت لا نصيب له من المطر الخفيف.
العمل بصورة عامة يبدو هزيل فكرياً مقارنة مع أعمال منيف الأخرى ويمكن ان نقول أنه هزيل بصورة عامة كعمل أدبي، إذ أنه لا يعدو كونه سرداً لآلام قلب يلهث خلف وهم كبير. ولكن العمل مرر بضعة أفكار جميلة مثل حديثه عن المدن حين قال بطل الرواية: "المدن هي البشر، العلاقات بين البشر". وافكار أخرى عن نزاع رجال الدين مع العشاق في وصف / وصم الحب بما يرونه.
أما ما توقفت عنده في هذا العمل فكانت الصدفة المستحيلة التي جمعت العاشق بمعشوقته في آخر صفحات الرواية في محطة القطار حين كان يهم بالرحيل عن المدينة التي هو فيها. وكانت هي كذلك, صدفها هناك، بعد كل الأيام والأماكن والليالي المئات التي قضاها يبحث عنها في كل مكان ولم يجدها، تلك الصدفة التي جمعتهما ربما هي ما أراده منيف من كل العمل فهي إشارة لسخرية القدر وعبثيته. إجمالاً، أرى فيه تصفية حساب قام بها منيف مع ذكرى كانت تؤرقه لا أكثر.



المصدر:
https://www.goodreads.com/book/show/3660598

الأحد، 28 يوليو 2019

(متساكن جديد في مدينة الكتب) "مجتمع القرن الرابع في مؤلّفات أبي حيّان التوحيدي" لوداد القاضي

عن دار "المشرق"، صدر حديثاً كتاب "مجتمع القرن الرابع في مؤلّفات أبي حيّان التوحيدي"، للأكاديمية
وداد القاضي بتحرير بلال الأرفه لي.

 يدور الكتاب حول الصورة التي رسمها أبو حيّان التوحيدي لمجتمعه في القرن الرابع الهجريّ/ العاشر الميلادي، وهي صورة شديدة الحيويّة، مليئة بالتفاصيل الدقيقة التي يتفنّن صاحب "الإمتاع والمؤانسة" في وصفها، قد باتت مرجعاً بالنسبة للمؤرخين على الرغم من أن مؤلفها لم يكن يبتغي وضع كتاب في التاريخ. ووفقاً للكاتبة، فقد ساعد التوحيدي على رسم تلك الصورة سفرُه بين مدن العراق والحجاز وبلاد فارس.


المصدر: العربي الجديد

(منتخبات صحفية) "رأس المال، سيرة كتاب".. التحفة الخفية لشاعر الديالكتيك - زياد عبدالله


قراءة كتاب "رأس المال – سيرة كتاب" لفرانسيس وين (ترجمة: ثائر ديب – دار فواصل 2019) شيّقة بلا أدنى شك، مضافاً إلى ذلك قدرة الكتاب على إيقاظ نواحٍ شخصية على اتصال بعلاقتي مع كتاب ماركس المفصلي، وهذا يمتد ربما ليشمل كل قارئ قرأ "رأس المال" أو سعى إلى قراءته، أو حتى عجز عن قراءته من أول ثلاث صفحات! ولأضيف على ما تقدّم الجانب الأدبي في هذا الكتاب الذي لطالما آمنت به، لا بل إن قراءتي لبعض فصوله – من دون أن أتمكن من قراءته كاملاً رغم اعتقادي بأنه سيكون محزناً أن يموت المرء ولم يقرأه- كان على الدوام متأتياً من أسباب أدبية وفنية أتبين فيها منابع بريشت و"التغريب"، وايزنشتين و"المونتاج المتوازي"، والفصول المتعلقة بـ "صنمية السلعة" و"فتشية السلعة" التي لطالما كانت وما زالت تعتمل في رأسي كما القصائد العظيمة التي لا تكف عن توليد المعاني.
يرد في كتاب وين الكثير مما يتعلق بهذا الخصوص، إذ يقول ماركس في تذييل الطبعة الثانية من رأس المال "ما من أحد يمكن أن يشعر بنواقص رأس المال الأدبية بالقوة التي أشعر بها"، والإشارات التي حملتها رسائله إلى انجلز بأنه "يقدّم عملاً من أعمال الفن"، لا بل يصل الأمر بوين إلى اعتبار رأس المال "رواية غوطية يستبعد أبطالها ويستنزفهم وحش خلقوه بأنفسهم"، ولترد توصيفات لـ "رأس المال" من قبيل "ميلودراما فيكتورية"، و"هزلية ساخرة سوداء" تفضح "الواقع الشبحي الذي تتسم به السلعة بغية تبيان الفارق بين المظهر البطولي والواقع المخزي".
أعترف بأن ما استعرضته فيما تقدّم هو جانب من الكتاب، الذي تمثُل أهميته أولاً في تحرره من أي مقاربة كلاسيكية أو قدسية أو دوغمائية لـ "رأس المال"، وليتبدّى ذلك من مدخله المعنون بـ "التحفة الخفية" حيث تظهر مخاوف ماركس من صنيعه في "رأس المال" أشبه بالرسام فرينهوفر في قصة بلزاك "التحفة الخفية" الذي أمضى عشر سنوات وهو يعيد رسم لوحة لدرجة لم يبق فيها شيء.
سنعايش في الفصل المعنون "الحمل" آلام المخاض الطويلة التي عايشها ماركس وهو يؤلف "رأس المال" والمسودات تتراكم من كل حدب وصوب على مدى 13 عاماً، وبكثير من التفاصيل المتعلقة بحياته ومعاناته جنباً إلى جنب مع مخاض "رأس المال" والكتب الأخرى التي صدرها، وهوسه بالكمال واستقدامه على الدوام "ألواناً جديدة إلى لوحته" كما هو فرينهوفر، وبالتالي خوضه رحلة مترامية من الحذف والإضافة إلى ما لا نهاية، مما لم يتح المجال لأن يطبع في حياته سوى الجزء الأول من كتاب "رأس المال"، وليبقى كتاباً مفتوحاً كما هي الرأسمالية حسب كتاب وين.
إن تتبع فصول كتاب وين المكثف والوجيز بدءاً من "الحمل" وصولاً إلى الفصلين الآخرين "الولادة" و"الحياة اللاحقة" سيجعل من "بيوغرافية" الكتاب عنصراً من عناصره بحيث تغلب عليه نقدية عالية سواء لـ "رأس المال" بحد ذاته وأخذه إلى مساحة شعرية مغيّب عنها في شتى المقاربات التي تناولته، وصولاً إلى من تلقفوا "رأس المال" في توجيه سهام نقد حادة ومسمومة تقول لنا معشر القراء بأن كلّاً من لينين وستالين وتروتسكي وماو وألتوسير وغرامشي وآخرين لم يكونوا حيال صنيع ماركس أو أنهم كانوا مقابل فيل لا يعرف المرء ما الذي يفعل به، مؤكداً في الوقت نفسه بأن الماركسية كما مارسها ماركس نفسه "لم تكن أيدلوجيا بقدر ما كان عملية نقدية وحجاجاً ديالكتيكياً متواصلاً،" ولا بل إن كتاب فرانسيس وين حافل بكل ما ينزع عن الأنظمة الشيوعية صلتها بماركس وما من عبارة تدلل على ذلك أكثر من أن "أحقّ إنجاز ماركسي أنجزه الاتحاد السوفياتي كان انهياره."
في ختام الكتاب يُترك المجال لمقاربة أعداء الماركسية لـ "رأس المال"، وقد انحلّت عرى هذه العداوة مع انهيار جدار برلين كما يشير الكتاب، وليجد كثير من المفكرين والاقتصاديين الرأسمالين ضالتهم في "رأس المال" وهو يفتح مغاليق الكثير من أزمات الرأسمالية ومآزقها، فهو جدير بالقراءة طالما بقيت الرأسمالية وصولاً إلى الخلاصة التي يختتم فيها كتاب وين والتي تقول بأن ماركس هو "المفكر الأكثر نفوذاً في القرن الواحد والعشرين." وكما لو "رأس المال" ظلّ تحفة خفية لما يقرب القرن والنصف من الزمن!


المصدر: موقع أوكسيجين
https://urlz.fr/ag1I

السبت، 27 يوليو 2019

(كتب العالم) غويدو تونيللي.. صياغة علمية لـ"سِفر التكوين" - يوسف وقاص

"في البداية، وأوّلاً، كانت الفوضى..."، تُنسَب هذه العبارة إلى الشاعر اليوناني هسيودوس (القرن الثامن قبل الميلاد)، إلّا أن هناك دائماً، عبر كل التاريخ الإنساني، من يحاول تفسير، وبالتالي ترتيب، جزءٍ من هذه الفوضى، وجعلها بمتناول الجميع.
ذلك تحديداً هو ما فعله الفيزيائي الإيطالي غويدو تونيللي (1950) في كتابه "سفر التكوين: القصّة العظيمة للأصول" (منشورات فيلترينيللي، 2019)، يروي فيه بأسلوب شائق تاريخ الأرض منذ نشأتها: الانفجار الكبير، والأنوار التي أضاءت الظلام البدائي، والنجوم، وفي النهاية الإنسان، من زمن رجل نياندرتال إلى الفلاسفة اليونانيّين.
العملُ روايةٌ علمية تعبّر عن المفاهيم المعقّدة بطريقة واضحة وبسيطة، وذلك بفضل الحكايات والقصص والإشارات إلى الأساطير الإغريقية، فكما يقول الكاتب: "لا توجد حضارة، صغيرة كانت أم كبيرة، يمكنها أن تقف على قدميها بدون القصّة العظيمة للأصول، أو البدايات".
أصل الكون، في كتاب "سفر التكوين"، الذي تربّع فور صدوره في بداية هذا العام على رأس قائمة الكتب الأكثر مبيعاً، هو قصّة علمية كُتبت لتتيح الفرصة للجميع ليستوعبوا بطريقة سهلة قصّة التكوين العظيمة التي يعلّمنا إياها العلم الحديث، ففي النهاية، هي قصّتنا الخاصة، ويجدر بنا أن نفهم جذورها بشكل أعمق لنتمكّن من العثور على أفكار جديدة لمواجهة المستقبل. هذا هو هدف تونيللي، العالم الفيزيائي ورئيس مجموعة الباحثين في واحدة من التجربتَين الأساسيتَين في مصادم سرن في جنيف، لاكتشاف "بوزون هيدجز"، وهو جُسَيْم أوّلي يُعتقد أنه المسؤول عن اكتساب المادة لكتلتها.
"لقد تزامنت كلُّ نقطة من كلّ واحد منّا، مع كلّ نقطة من النقاط الأخرى، في نقطة واحدة تزامن فيها الجميع"، هكذا يصف إيتالو كالفينو الكونَ في مجموعته القصصية "الكونيات الهزلية"، وهي قصص ومفارقات تتعلّق بالكون وتطوُّر الزمن والفضاء. وليس من أُطلق على تونيللي لقب "النموذج الأخير" من ذلك التقليد الاستثنائي الإيطالي الذي بدأ مع غاليليو غاليلي، ليتواصل بعد ذلك من خلال علماء مثل إنريكو فيرمي، وبرونو بونتيكورفو، وكارلو روبيا.
وليس من قبيل الصدفة أن يستشهد بكاتب بارز مثل كالفينو، بينما يروي كيف أنه "من تلك النقطة التي تزامن فيها الجميع" ، تطوّر الكون الهائل؛ حيث جميعنا لا نشكّل فيه أكثر بقليل من جزيئات صغيرة، ولكننا قادرون على التفكير والكتابة. إن العلم قصّة رائعة، لأن "البحث هو المعرفة والقدرة على إنتاج الأدوات والأشياء والآلات".
علاوة على ذلك، تمنحك القصة العظيمة لأصل التكوين القوّة للنهوض عندما تكون محبطاً، مما يوفر حوافز لتحمل أحلك لحظات اليأس، لأننا أمام قصة عمرها 13.8 مليار سنة. يقول تونيللي بهذا الصدد: "إنّ ربط أنفسنا في سلسلة طويلة من الأحداث، مترسّخة الجذور في الماضي البعيد، يتيح لنا تخيُّل المستقبل". ولهذا السبب "ما زلنا هنا، منذ آلاف الأجيال، لمنح قيمة للفن والفلسفة والعلوم، ولأننا ورثة هذا الانتقاء الطبيعي. يتمتّع الأفراد والمجموعات الأكثر قدرة على تطوير عالم رمزي، بميزة تطوُّرية كبيرة، ونحن ننتمي إلى ذلك النسل".
من جهة أخرى، يلقي تونيللي أيضاً الضوء على البرامج "متعدّدة التخصصات" التي يعمل فيها "الآلاف من العلماء"، والتي تهدف إلى فهم دماغ هذا "الإنسان العاقل" القادر على دراسة كيفية تشكّل المجرّات والنجوم والكواكب، بما في ذلك كوكب الأرض وتابعه القمر. وفي حالات مختلفة "لفهم بعض الآليات الأساسية التي تنتجها شبكات المحاكاة الإلكترونية للخلايا العصبية وتفاعلاتها".
لكن تونيللي يؤكّد في نفس الوقت، أنه من بين علماء الأعصاب أنفسهم، أصبح استخدام المعرفة المكتسبة للحصول على دماغ اصطناعي، أقلّ شعبية اليوم أكثر من أي وقت مضى. إنها ليست مجرّد مسألة صعوبات تقنية ومادية كبيرة، إنما "حتى لو استطعنا بناء جهاز إلكتروني يعيد إنتاج بنية عقولنا بالضبط، فلا يزال يفتقر إلى عنصر أساسي، ألا وهو التفاعل مع العقول البشرية الأخرى، بواسطة اللغة والجسد والعلاقات العاطفية".
ومن خلال هذا الأساطير والرموز، يخبرنا تونيللي أننا نبسّط الأمور كثيراً عندما نعتقد بأننا نولد بشراً فقط بسبب العوامل الفيزيائية والبيولوجية التي تسمح بدخولنا إلى العالم، إنما بدلاً من ذلك، "يصبح المرء إنساناً في عيون الآخرين عبر تبادل المشاعر والتفاعل معهم في ما يتعلّق بنا في المجموعة الاجتماعية".
وفي مكان آخر، يخاطب الأشخاص ممن يمارسون فن رواية القصص، أو الكتّاب بشكل عام، قائلاً: "أولئك الذين يستمعون ويتخيّلون، يعيشون التجارب المتراكمة لمن سبقهم؛ فالقصّة تكثّف التعاليم التي تمّ جمعها عبر سلسلة طويلة من الأجيال التي سبقتنا، تتيح لنا أن نفهم ونجرّب، وتسمح لنا أن نعيش حيوات كثيرة. لذلك، فإن ما ننجزه ونفعله في حياتنا اليومية، ليس مجرّد مسألة بقاء، بل مسألة وجود أفضل، حتى في الحالات الأكثر مأساوية".
وفي خاتمة كتابه، يستنكر تونيللي "المراحل البعيدة" من تاريخنا التي شهدت الكثير من الحروب والمجازر المروّعة، عبر أمثلة كثيرة، منها على الأخص محاكم التفتيش وعمليات الإبادة الجماعية في كثير من بقاع العالم، التي كان يمكن للبشرية أن تكون بغنى عنها. ومن
هنا، كان ثمّة من تساءل بعد صدور هذا الكتاب: هل سيكون العلم هو المنقذ بدلاً من الأدب؟ وربما هذا السؤال بالضبط، هو ما دفع تونيللي لتأليف كتابه هذا ومنحه عنوان "سفر التكوين"، حتى يتمكّن أي شخص من أن يؤلّف كتابه الخاص عن القصّة العظيمة لوجودنا التي يشرحها لنا العلم الحديث بطريقة شائقة، وإيجاد الأفكار التي تسمح لنا بمواجهة المستقبل بثقة أكبر.



المصدر: العربي الجديد

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...