الأحد، 1 سبتمبر 2019

(النص من يد مترجمه) أحمد سمير سعد عن "العقل والمادة" لإرفين شرودنغر

بداية، كيف تجد الاهتمام العربي بالفكر العلمي الحديث؟إلى الآن لا تزال كل الجهود العلمية العربية فردية، هذه الجهود لم تنقطع للحظة لكنها مع ذلك لم تشكل أبدا تيارا حقيقيا قادرا على إحداث التغيير. طوال الوقت أجد هناك من يحاول أن يصنع الفارق، البعض تبتلعه سبل الحياة والبعض يصيب قلبه اليأس والبعض يحالفه الحظ وتساعده الظروف. الأكيد أن الجهد المؤسسي في سبيل دعم تيار علمي حقيقي لا يزال غائبا، هناك محاولات مؤسسية تظهر بين الحين والآخر لا أنكر ذلك لكنها لم تحمل الرؤية الكافية أو الإرادة الفعلية وربما لم تصادف صانع قرار يعتبرها واحدة من أولوياته.

متى فكرت بترجمة هذا الكتاب لشرودنغر؟ ولماذا؟
من الصعب تحديد تاريخ محدد لكن الكتاب لفت نظري منذ بدأت في ترجمة كتاب شرودنغر (ما الحياة؟ الجانب الفيزيائي للخلية الحية) ذلك الكتاب الذي انتهيت منه وصدر عن مؤسسة هنداوي بالفعل، حيث أن آخر طبعة أصدرتها كامبريدج من كتاب (ما الحياة؟) كانت تضم كذلك كتاب (العقل والمادة) في نفس المغلف وعندما قرأته تملكتني رغبة شديدة في نقله للعربية وتحمست له جدا ولاقى هذا الحماس حماسا مماثلا من دار آفاق عندما عرضت عليهم الأمر. إن كان شرودنجر في كتاب ما الحياة قد كان يبحث عن سر الحياة مستعينا بعلم الفيزياء ففي كتابه العقل والمادة حاول البحث عن سر الوعي مستعينا بعلم الفيزياء كذلك.


كم استغرق منك وقتاً؟ وماهي أبرز العقبات التي واجهتها على مستوى المصطلحات خصوصاً؟
من الصعب تحديد الوقت الذي استغرقته الترجمة بشكل دقيق، هل نحتسب الوقت منذ اتخاذ القرار بالترجمة؟ هل نحتسبه منذ اللحظات الأولى لمحاولة التعرف على الجمل التي ستحمل صعوبة خاصة؟ هل نبدأ احتساب الوقت ابتداء بمحاولات جس النبض الأولى؟ لو تغاضينا عن كل تلك المراحل فسيكون الوقت الذي استغرقته ترجمتي للكتاب قصيرا نوعا ما، لا يتجاوز الثلاثة شهور لكن لو ضمناها فسيزيد الوقت كثيرا وسيتخطى العام أو ربما العامين.
يعتمد شرودنجر على الإطناب وعلى الجمل الطويلة المسترسلة وهي جملة تمثل صعوبة خاصة عند ترجمتها لأنها تقتضي الكثير من التقديم والتأخير وإعادة الترتيب من أجل أن تأتي الجملة سلسة سليمة في العربية لكن هذه الصعوبة الأسلوبية لم تواجهني في كتاب العقل والمادة بذات القدر الذي واجهتني به في كتاب ما الحياة؟ وربما يعود ذلك لازدياد خبرتي بأسلوب شرودنجر، على اعتبار أن هذا الكتاب هو الكتاب الثاني الذي أترجمه له أو ربما يعود لازدياد خبرتي في الترجمة بشكل عام بعد أن تخطت الكتب الأربعة.
بالتأكيد من الهام ضبط الاصطلاحات، كثير من الاصطلاحات تكون قد ترجمت بالفعل سابقا ويجب الانتباه لذلك والأخذ بتلك الترجمات التي رسخت لمقابل عربي معين للاصطلاح حتى لا يتشتت القراء وحتى يصبح المصطلح موحدا في العربية. لكن أحيانا ما يواجه المترجم مصطلح غير دارج أو جديد خاص بالمؤلف وهنا يقع على عاتقه محاولة ضبط ذلك الاصطلاح في العربية وهي مهمة ثقيلة للغاية وتستغرق الكثير من الوقت والجهد لرد الكلمات لأصولها ومحاولة النفاذ للجذور اللغوية والإتيان بأقرب وأصلح الكلمات المقابلة.

على سبيل المثال في هذا الكتاب واجهني اصطلاح objectivation  على وجه الخصوص والمقصود به إضفاء الصفة الموضوعية على أمر ما وتنحية كل ذاتية عنه، بالتأكيد يتطلب الأمر اجتهادا خاصا من أجل الخلوص إلى كلمة واحدة تؤدي هذا المعنى، في النهاية وبعد الكثير من البحث وجدت أن علي الاختيار بين التموضع والوضعنة والموضعة وقد ملت إلى استخدام كلمة الموضعة لتؤدي ذلك المعنى.


تخوض في منطقة قلما اتجه لها المترجمون العرب، هل يمثل ذلك عنصر قوة أم ضعف في عملك؟
لا يمكن اعتبار هذا مصدر قوة أو مصدر ضعف على نحو مطلق. هناك مزية نسبية بالطبع تتمثل في أن ما أترجمه عادة ما يلفت الانتباه، لكن نقص الترجمات يمثل كذلك صعوبة بعض الشيء لأنه يضعك كثيرا أمام مشكلات عليك البحث عن حلول لها دون الاسترشاد في كثير من الأحيان بآراء وتجارب من سبقوك على ذات الدرب.


ماهي مشاريعك الترجمية المقبلة؟
هناك العديد من المشاريع لكنها لم تتبلور بعد، لازلنا في مرحلة مخاطبة دور النشر الأجنبية من أجل شراء حقوق الترجمة لذلك لا أفضل حقيقة الحديث عن تلك المشاريع بشكل مفصل إلى أن تستحيل واقعا فعليا ملموسا.



مادة خاصة بمدونة "منشورات"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...