الأحد، 1 سبتمبر 2019

(ضيف منشورات) برهان غليون: كي لا نعود إلى سيطرة الأيديولوجيا

تحتلّ مؤلفات المفكر السوري برهان غليون موقعاً أساسياً في مكتبة الفكر السياسي العربي؛ أعمال مثل "المحنة العربية"، "اغتيال العقل"، و"نقد السياسة، الدولة والدين" و"مجتمع النخبة"، لا تزال إلى يومنا ذات قدرة تفسيرية لما يحدث في العالم العربي. مدونة "منشورات" استضافت برهان غليون في حديث عن جديده المعرفي


هل تشتغل على مؤلفات جديدة؟
بالتأكيد. لم يكن كتابي الأخير "عطب الذات، وقائع ثورة لم تكتمل" سوى الجزء الأول من كتاب مراجعتي لمسيرة الثورة السورية، وقد عني بتشريح الأسباب التي أدت إلى إجهاض موجتها الأولى. أما الكتاب القادم فهو الأهم لأنه يتعلق بالرؤية المستقبلية أو بالعمل من أجل التقدم على طريق بناء سورية الجديدة التي ضحى السوريون من أجلها بكل شيء، أكثر من مليون شهيد، وضعفهم من الجرحى والمعاقين، ومئات ألوف المعتقلين المخفيين، و13 مليون من المهجرين القسريين والنازحين وأكثر من ستين بالمئة من عمران البلاد الذي تم تدميره مع انهيار كامل للاقتصاد، فضلا عن زوال السيادة وتوطن الاحتلال المتعدد الأقطاب.



كيف تنظر إلى مؤلفاتك السابقة، التي مثلت في وقت من الأوقات معالم في الساحة الفكرية مثل "اغتيال العقل" و"المحنة العربية"؟ هل تفكّر مثلاً في مراجعتها وإعادة نشرها؟كتبي ما تزال في التداول وقسم منها يعتبر مراجع في الجامعات ولا تحتاج لإعادة نشر. أما إعادة كتابة الكتب القديمة وتغيير ما جاء فيها فهي في نظري فكرة سيئة لأن الكتاب ينبغي أن يظل شاهدا على عصره. وعندما نغير أفكارنا أو بعضها فنحن نكتب كتابا جديدا، وبذلك نحتفظ بالأمانة الفكرية ونجدد أفكارنا في الوقت نفسه.


كيف ترى واقع الكتابة الفكرية السياسية اليوم في العالم العربي؟
أجدها في تقدم بالرغم من مظاهر الجمود السطحية. فلم يكن الاهتمام بالفكر السياسي على هذه الدرجة من الانتشار في أي وقت سابق في العالم العربي. صحيح أن هناك ضعفا في الإنتاج فيما يتعلق بالكتب، لكن هناك غزارة ملفتة في الأبحاث والدراسات والمقالات، ونضجاً أكبر وبحثا أكثر موضوعية واطلاعا أوسع. وسوف نحصد في السنوات القليلة القادمة ثمرات هذا التقدم.



هل تعتقد بأن "الربيع العربي" مثّل منعطفاً في الكتابة الفكرية السياسية العربية، أم أنه على هذا المستوى ظلّ تأثيره محدوداً؟بالتأكيد سوف يظهر هذا المنعطف في القريب. ومنذ الآن هناك أدبيات مهمة تتعلق بمسائل الثورة والتغيير والديمقراطية والدستور والدولة والقانون، باللغة العربية وفي الدوريات المختصة، لكن أيضا في الدوريات العلمية الدولية. باحثون عرب كثر يساهمون اليوم بلغات أجنبية في تحليل ما يحصل من تغيرات وأحداث وتقديمه إلى الرأي العام والأوساط العلمية الدولية. وهذا تقدم مهم.


ماذا تقرأ في هذه الفترة أساساً؟أعيد قراءة بعض الكتب المرجعية السياسية الكلاسيكية. وأتابع ما يكتبه نشطاء عن أشكال التعذيب الذي كانوا ضحاياه وشهوده في السجون السورية، وقد قرأت هذا الأسبوع شهادة وائل الزهراوي بعنوان: لهذا أخفينا الموتى، وفيه يروي كيف كانوا يخفون الجثث، التي تتكاثر كل يوم في المهاجع الجماعية، بسبب الجوع والقروح الناجمة عن التعذيب، من أجل أن يحتفظوا بحصة أكبر من الخبز. وكان السجانون يقدمون رغيفا لكل أربعة معتقلين في اليوم. وإخفاء جثة أو جثتين لعدة أيام تسمح لهم بأن يزيدوا من حصتهم ولو بغرام أو اثنين من الخبز. كما قرأت رواية/شهادة راتب شعبو الذي قضى 16 عام في سجون الأسد، منها أكثر من ثلاثة في سجن تدمر الشهير بعنفه ووحشية جلاديه، وهو مسمى سجن الموت، وعنوانها: ماذا وراء هذه الجدران. وهي رواية مليئة بالشفافية ورهافة الإحساس في مواجهة العنف اليوم لحياة السجون السياسية.


أي أفكار أو نظريات في المشهد الفكري العالمي تعتبر أن الفكر العربي عليه أن يتغذّى بها لفهم واقعه؟ينبغي أن يتغذى الفكر العربي بجميع الأبحاث الجدية بصرف النظر عن المناهج والنظريات، ولا يمكن تكوين فكر عربي خارج النقاش الفكري الدائر في الساحة العلمية الدولية وهذا هو ما يغني الفكر، وإلا أخشى أن نعود إلى حقبة سيطرة الأيديولوجيا كما كان عليه الحال في النظم السوفييتية أو البعثية. الغنى الفكري يكمن في التنوع والتعدد والتفاعل الجدلي بين التيارات والمدارس المختلفة.


مادة خاصة بمدونة "منشورات"

هناك تعليق واحد:

  1. برهان غليون من اهم من قدمتهم الثقافة العربية ففي مجال الفكر والسياسة

    ردحذف

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...