السبت، 21 سبتمبر 2019

(عودة إلى كتاب) رشيد أيلال عن "صحيح البخاري.. نهاية أسطورة"

تعود هذه الزاوية إلى كتاب ليس حديث الإصدار فتحاول أن تقرأ تلقيه من خلال مؤلفه، ومن خلال ذلك تضيء مجدداً عوالمه والصلات التي لا تزال حاضرة بين الكتاب وصاحبه. ضيفنا اليوم الكاتب المغربي رشيد أيلال، واخترنا أن نحدّثه عن كتابه "صحيح البخاري.. نهاية أسطورة" والذي أحدث ضجة في أكثر من بلد عربي 

قد يكون كتاب "صحيح البخاري.. نهاية أسطورة" أحد أشهر كتب السنوات القليلة الأخيرة عربياً. هل تعتقد بأن الكتاب قرئ بالفعل؟
إذا نظرنا إلى كتاب "صحيح البخاري نهاية أسطورة" في ظل واقع القراءة وواقع الكتاب عموما في الوطن العربي والإسلامي، فإنه يبقى من الكتب القليلة التي كانت أوفر حظا من حيث عدد القراء الذين اهتموا بهذا الكتاب، سواء بشراء نسخه الورقية حيث بلغ حجم مبيعاته في كل من المغرب وتونس إلى أزيد من عشرين ألف نسخة، أو بتحميل نسخه الإلكترونية بصيغة pdf حيث تجاوز عدد المرات التي حمل فيها كتاب صحيح البخاري نهاية نهاية أسطورة رقم 100000 مرة بشكل مجاني، وبالتالي فإنه يمكن الحديث عن رواج كبير للكتاب بالمقارنة مع باقي الكتب، وهذا ما جعل جريدة "اليوم السابع" المصرية تعتبره من أهم سبع كتب صدرت خلال سنة 2017، وجريدة "الشرق الأوسط "تعتبره من أهم الأحداث الثقافية بالمغرب لسنة 2017، وهي سنة صدور الكتاب لأول مرة بالمغرب عن "دار الوطن"، لكن دعيني أكن صريحا معك إلى أبعد حد بخصوص هل قرئ الكتاب فعلا أم لا؟ لأنه كما تعلمين فإن هذه الأرقام تعبر عن عدد المبيعات ولا تعكس حقيقة إن كان الكتاب قرئ فعلا كما يجب أم لا؟ لأن معظم القراء في بلداننا التي مازالت تتلمس الطريق في غبش مظلم إلى مجتمع متقدم ومتنور، مع كامل الأسف لا يقرأون، إلا النزر القليل منهم، ممن تشرب حب المعرفة، وهذه الفئة يمكن اعتبارها نخبة النخبة، بالإضافة إلى الفئة الأخرى والمتمثلة في تيار الإسلام السياسي سواء المنتمي للنهج الإخواني أو للنهج السلفي، وهذه الفئة تقرأ الكتاب بهدف البحث عن ثغرات لإسكات صوته، والطعن في صاحب الكتاب أكثر مما تحفل لأخذ النقاش بجدية أكبر وإثارة حوار فعال حول موروثنا الديني لتنقيحه من الشوائب والأساطير العالقة به.




نشرت الكتاب في تونس (سوتيميديا) ما سبب هذا الخيار؟ كانت أول طبعة للكتاب كانت في أكتوبر من سنة2017 عن "دار الوطن" بالمغرب، وقد كان اختياري لتونس كمرحلة تالية سنة 2018، لأني اعتبرها رائدة التنوير في العالم الإسلامي وفي مغربنا الكبير، فكان شرفا لي أن يطبع كتابي وينشر في تونس الأنوار، ويجد صدى كبيرا ونقاشا أكبر في الجامعات والمنتديات ومراكز الأبحاث بتونس، وقد كان لي الشرف أن كنت ضيفا على المعرض الدولي للكتاب بتونس بدعوة من وزارة الثقافة التونسية، وألقيت هناك محاضرتين الأولى في قاعة المحاضرات بالمعرض، والثانية بالمركز العربي لدراسة السياسات من تنظيم مرصد الحريات بتونس، أما حول اختياري لدار النشر سوتيميديا فذلك نظرا للتفاهم العميق بيني وبين مديرها الأستاذ رياض شنيتر، وأيضا لما تتمتع به هذه الدار من روح ثقافية قوية وعميقة وكذلك لدعمها للعمل الفكري والبحثي الذي ينخرط في تنوير فئات عريضة من الشعب التونسي، وأيضا نظرا للخبرة والمرونة التي يتميز بها كل العاملين في هذه الدار الشيء الذي جعلني أطمئن في التعامل معهم، وستكون بيننا أعمال أخرى قريبا.


هل أن أعمالك القادمة ستكون ضمن نفس دائرة البحث؟ إذا كنت تقصدين دائرة تنقية الدين من الأساطير والخرافات فمعظم أعمالي القادمة تدخل في هذه الدائرة، كما ستكون لي إصدارات أخرى في مجال تجديد فهم الدين فهما يستفيد من علوم العصر ضمن مشروعي الفكري والذي أطلقت عليه مشروع "الأنبياء الجدد".  وأيضا أفكر في إصدار ديواني الشعري، والذي ما زلت أتحين الفرصة المناسبة لإخراجه إلى حيز الوجود.


ماهي المنهجيات التي تعتبر أنها الأكثر ملاءمة في مقاربة التراث العربي الإسلامي؟كما أقول دائما فإن التراث العربي والأمازيغي والإسلامي والإنساني عموما، يندرج ضمن التاريخ، وما دام يندرج في هذا الإطار فإن المقاربات المنهجية الأسلم هي علوم التاريخ من أركيولوجيا وفيلولوجيا وكوديكولوجيا وباليوغرافي وعلم الديبلوماتيك وعلم الأبيغرافيا وغيرها من العلوم المساعدة التي تسهم بشكل كبير وواضح في نفض الغبار عن الكثير من هذا التراث وإبراز الحقيقي فيه من الخرافي. هذه العلوم هي علوم صماء لا تحابي أحدا ولا تتأثر بإيديولوجيا معينة، فهي تستنطق المسكون عنه عبر أحدث الوسائل العلمية، التي ما زلنا ننفر منها ونتوجس خيفة لما ستسفر عنه من حقائق صادمة، إذ ارتحنا للأساليب القديمة والتي لا يمكنها أن تضيف شيئا للحقيقة والعلم، لأنها لا تستفزنا وتجعلنا نرضى بالنوم في العسل.


ماهي مشاغلك كقارئ في السنوات الأخيرة؟أهتم بقراءة كل ما يخص التاريخ المبكر للإسلام، لأن هذا التاريخ لا نعرف عنه شيئا إلا ما وصلنا، من روايات شفاهية متضاربة ومتناقضة، بعد مئات السنين على وفاة الرسول، وبالتالي وجب أن نستجلي هذا الغموض بالقراءة والبحث والتنقيب وهذا هو شغلي الشاغل خلال السنوات الأخيرة، على شح الكتابات والأبحاث في هذا المجال مع كامل الأسف.


مادة خاصة بمدونة "منشورات"/ حاورته : بثينة عبد العزيز غريبي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...