الأربعاء، 7 أغسطس 2019

(متساكن جديد في مدينة الكتب) "تهمة اليأس" لـ أرتور شوبنهاور بترجمة الطيب الحصني / صفحة سبعة

بسبب "تهمة اليأس"، ربما، كثيراً ما نفر القرّاء من كتابات الفيلسوف الألماني أرتور شوبنهاور (1788 - 1860)، لكن بالخصوص بسبب صرامة أفكاره وبناءاتها المعقدة والمتينة، قطيعتها مع الفكر الأكاديمي والتعليمي.
في كتاب حمل عنوان "تهمة اليأس"، تحديداً، نتعرّف على وجه آخر لصاحب "العالم كإرادة وتمثّل"، ليس ذلك الفيلسوف الذي يأتي ليعيد بناء كل شيء، بل نحن أمام شخص يتحدّث ببساطة عن كل ما حوله: الانتحار، المرأة، المجتمع، النفسيات البشرية وتلوّناتها، الخلود وغير ذلك. إنه عمل فلسفي، لكن علينا أن نفهم  الفلسفة باعتبارها تأمّلاً في الحياة، وليس بالضرورة صناعة (ثقيلة) للمفاهيم على ما يذهب إليه المفكر الفرنسي المعاصر جيل دولوز.
العمل من ترجمة الطيب الحسني، ولعله فرصة للقارئ العربي كي يكتشف هذا الفيلسوف الألماني الذي طالما بقي في ظلّ من أثّر فيهم: فريديرك نيتشه، ليون تولستوي، خورخي لويس بورخيس، فرانتس كافكا، إيميل سيوران (...).
العمل صدر مؤخراً عن "صفحة سبعة للنشر"، ولعله من الجيّد أن تختار دور النشر الناشئة مؤلفين غير مكرّسين، فتشقّ لهم طريقاً نحو القارئ العربي. كما لا يفوتنا التنويه بالخيارات التصميمية الموقفة من صورة الغلاف إلى توليفة الخطوط المعتمدة فيه.

مادة خاصة بالمدوّنة

(منتخبات صحفية) توني موريسون.. حين أُغمضت العين الأكثر زرقة

بعد معاناتها من مضاعفات الالتهاب الرئوي، توفيت عن 88 عاما الأديبة توني موريسون، أول امرأة أميركية سمراء تحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1993، والتي عرفت بمواقفها المناهضة للعنصرية والاضطهاد والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وتعد موريسون واحدة من أعظم روائيي أميركا، وفازت روايتها "محبوبة" بجائزة بوليتزر عن فئة الأعمال الخيالية عام 1988، قبل خمس سنوات من منحها جائزة نوبل في الآداب، وحصلت على وسام الحرية الرئاسي عام 2012، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة من قبل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وأسهمت موريسون بأعمالها الأدبية في رفع التعددية الثقافية الأميركية للمسرح العالمي، وإعطاء دفعة كبيرة لما يطلق عليه "أدب السود"، وكشفت عن حقبة مظلمة لماضي بلدها، وتناولت تاريخ السود في الولايات المتحدة في أعمالها التي مزجت فيها الأدب الأفريقي وفولكلور العبيد مع نصوص الإنجيل والدراما القصصية.
وبخلاف "محبوبة" التي ترجمت إلى العربية والفرنسية والإسبانية والألمانية والإيطالية، كتبت موريسون أيضا روايات: "العين الأكثر زرقة" و"أغنية سليمان" و"طفل القطران" و"سولا"، وعملت على تحرير مذكرات الملاكم الأميركي المسلم محمد علي كلاي.
وقالت في محاضرة تكريمها بجائزة نوبل إن السرد لم يكن مجرد ترفيه بالنسبة لها، بل "هو في اعتقادي إحدى الطرق الرئيسية التي نستوعب بها المعرفة".
وعملت موريسون في كتابة قصص الأطفال وتحريرها، واعتبرت واحدة من النساء السوداوات القلائل في صناعة النشر، وتبنت الدفاع عن مؤلفي الروايات الناشئين وساعدت في تعريف القراء الأميركيين إلى الكتاب الأفارقة، مثل أديب نوبل الشاعر النيجيري وول سولينكا.
وعرفت موريسون بمواقفها المناهضة للعنصرية، وفي مقابلة لها قالت "أنا لا أكتب انتقاما من العنصرية بل لتغيير اللغة إلى لغة لا تنتقص من الناس"، ووصفت إسرائيل في رسالة وقّعت عليها عام 2006 مع كتاب آخرين، بأنها "دولة فصل عنصري".
ونددت الرسالة بالإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين، مؤكدة أن العدوان الإسرائيلي احتلال غير شرعي، واعتبرت الرسالة -بلغتها الحازمة- واحدة من أقوى المواقف التي وقع عليها نخبة من المثقفين والكتاب.
وفي تغطيتها لخبر وفاة الروائية الأميركية، اعتبرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن موريسون اشتهرت بالحديث عن آرائها في عدة موضوعات، بما فيها ازدراؤها لسياسات الحكومة الإسرائيلية.
ولفتت الصحيفة الإسرائيلية النظر إلى أن بيان 2006 الذي وقعت عليه أديبة نوبل الراحلة كان ينتقد المعايير المزدوجة للغرب الذي يصمت على وجود ما يقرب من عشرة آلاف فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بينما يغضب فقط لخطف حماس الجندي جلعاد شاليط.
وانتقد البيان الذي وقعت عليه موريسون "الاحتلال العسكري غير الشرعي للضفة الغربية، والاستيلاء المنهجي على مواردها الطبيعية -ولا سيما المياه- من قِبل قوات الدفاع الإسرائيلية"، واعتبر أن "الهدف السياسي لإسرائيل هو تصفية الأمة الفلسطينية".
اعتبرت موريسون واحدة من المؤلفين الأميركيين النادرين الذين حققت أعمالهم نجاحات أدبية ونقدية وتجارية على حد سواء، إذ بقيت رواياتها بانتظام في قائمة أكثر الكتب مبيعا لدى صحيفة نيويورك تايمز، وكانت موضوع دراسات نقدية كثيرة.
وكأكاديمية وعضوة هيئة تدريس في جامعة برينستون، حاضرت موريسون على نطاق واسع، وشوهدت كثيرا على شاشات التلفاز بحسب الصحيفة الأميركية.
وبررت الأكاديمية السويدية منحها جائزة نوبل عن رواياتها، بأنها تميزت ببصيرة قوية واقتباسات شعرية وكشفت من خلالها عن "الحياة في جانب أساسي من الواقع الأميركي"، ويظهر في أعمالها الماضي من خلال الحاضر المروع، في عالم مليء بتفاصيل الإدمان والخمور والاغتصاب وسفاح المحارم والقتل.
وفي رواياتها، تعتمد موريسون على تقنية تعدد الأصوات الأدبية، وتختلط فيها أصوات الرجال والنساء والأطفال وحتى الأشباح، ويتشابك في أدبها الواقع المؤلم مع الأساطير السحرية والخرافات، ولهذا جرى تشبيهها بمدرسة الروائيين اللاتينيين من كتاب الواقعية السحرية، مثل غابرييل غارسيا ماركيز.
وكانت الراحلة قد كتبت روايتها الأولى "العين الأكثر زرقة" عام 1970 في أوقات بينية مسروقة من وظيفتها محررة وحياتها الاجتماعية أما لابنين شابين، وقالت عن هذه الفترة إنها اعتادت على الكتابة على قصاصات الورق وأوراق الفنادق وفي السيارات.
وفي العقدين الأخيرين، ركزت على الكتابة للأطفال، وظهرت في الحياة العامة وفي الحملات الانتخابية لتدعم المرشحين الديمقراطيين ضد خصومهم الجمهوريين، واعتبرت وصول ترامب للبيت الأبيض مؤشرا على عدم تعافي الولايات المتحدة من العنصرية.

المصدر: الجزيرة

(منتخبات صحفية) "الكتّاب في السياسة" لـ نغوجي وا ثِيُنْغو: أي فريق تختار أيها الكاتب؟ - نوال العلي

يضمّ عمل الكاتب الكيني نغوجي وا ثِيُنْغو (1938) "الكتّاب في السياسة: إعادة إشراك قضايا الأدب والمجتمع" مجموعة من المقالات التي كتبها بين عامي 1970 و1980 وتعكس بعض القضايا التي شغلته في سبعينيات القرن الماضي، والتي يمكن تلخيصها في سؤال واحد: ما علاقة الأدب بالحياة؟ سؤال شغل وا ثِيُنْغو وقاده إلى حقول شتى من الثقافة إلى التعليم واللغة والأدب والسياسة.
وخلال ذلك نتعرّف على بعض من يوميات الكاتب في نقاشاته في جامعة نيروبي التي كان يعمل بها، أو انغماسه في الحياة الثقافية وعلاقته بالعمال والفلاحين في ليمورو. بالنسبة إلى وا ثِيُنْغو حمل عقد السبعينيات تغيرات كبيرة في بلاده، وحين مرّ منها كان قد اتخذ قراره بأن يتحوّل من أستاذ إلى تلميذ لدى الفلاحين والعمال. وكانت النتيجة هجرة فكرية قام بها وا ثِيُنْغو من كلية الأدب ومن الثقافة الأفروسكسونية معيداً التواصل مع جذوره الوطنية والتقاليد المحلية، ومعيداً أيضاً قراءة الأدب الوطني والثقافة الشعبية المتجذرة في كينيا.
بترجمة عهود المخيني، صدر مؤخراً هذا الكتاب بالعربية عن داري "الروافد الثقافية" و"ابن النديم". يصدّر الكاتب عمله بإهداء إلى الشاعر الكوري كيم شي ها، أحد أبرز شعراء كوريا الجنوبية، والذي سُجن لمدة 39 عاماً نتيجة لأفكاره السياسية وقصائده التي كانت تستفز النظام. كما يهدي العمل أيضاً إلى كل كتّاب كينيا وإلى أي مكان آخر رفض أهله الخوف والصمت اللذين تفرضهما ما يُسميه "الثقافة الكولونيالية الجديدة".
يلفت الكاتب إلى أن ذاك التغيير الذي حدث في السبعينيات، انعكس بشكل كبير على كتاباته، وكان قد بدأ تلك الفترة في كتابة روايته "أزهار الدم" بالإنكليزية كما أنجز ثلاثية مسرحية بعنوان "محاكمة ديدان كيماتهي" المستلهمة من سيرة الثائر النيروبي الذي سجنته القوات الكولونيالية البريطانية في كينيا في الخمسينيات وأعدم سنة 1957.
وفي ذلك العقد، عاش الكاتب نفسه تجربة الاعتقال والسجن. بعض المقالات التي يتضمنها الكتاب كانت موجهة لأساتذة الأدب في المؤسسات الأكاديمية في نيروبي سنة 1973 والتي كانت تتناول تدريس الأدب في المدارس، وبعض المقالات تتناول المسرح ولغته في كينيا، والمعركة الأيديولوجية بين مناصري الإمبريالية الثقافية ومن يناصرون الثقافة الوطنية الكينية والتي كانت تؤثر بشكل مباشر على العمل المسرحي.
شهدت الفترة نفسها اغتيال السياسي الاشتراكي الكيني جي. إم. كاريوكي. وشهدت اعتقال مئات العمال والكتّاب والطلاب والمثقفين الوطنيين، وكان القلق كبيراً من صعود اليمين السياسي في كينيا. وحين كتب وا ثِيُنْغو هذه المقالات كان يأمل من خلالها مواصلة الصراع من أجل ثقافة وطنية تعكس اهتمامات كينيا وتقف في وجه المصالح الإمبريالية وانعكاساتها على الثقافة التي تتبنى الخطاب الغربي.يشير صاحب "النهر الفاصل" إلى أنه لا ينبغي النظر إلى الصراع في كينيا بمعزل عمّا يحدث في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية بل وفي العالم بأكمله. فصراع الشعب الكيني ضد الهيمنة الغربية في الاقتصاد والسياسة والثقافة هو جزء مكمل وكفاح مماثل لما تعيشه بلدان العالم الثالث في كل مكان، لذلك نجد الكاتب يتناول في مقالاته كوريا الجنوبية وأميركا اللاتينية كي يُظهر ذلك الرابط الذي يجمع بين صراعات هذه الشعوب المختلفة.
يقول وا ثِيُنْغو إنه أطلق على عمله عنوان "الكتّاب في السياسة" لأن الأدب لا يستطيع الهروب من الأيديولوجية والطبقية والسياسات الاقتصادية التي تصوغ الحياة اليومية. بالنسبة له فإن الكاتب ليس لديه خيار في أن يكون متورطاً في السياسة سواء أكان مدركاً لذلك أم لا. لكن ما يمكن للكاتب أن يختاره حقاً هو إلى أي جانب من المعركة ينتمي، هل هو في صف الشعوب أم أنه في صف من يحكمون الشعوب. وما لا يمكن للكاتب أن يقوم به وفقاً لـ وا ثِيُنْغو هو أن يكون محايداً. كل كاتب هو كاتب في السياسة. والسؤال الذي يطرح في هذه المقالات يتوجه إلى أي سياسة ينتمي الكاتب وسياسة من؟
يأتي كتاب وا ثِيُنْغو في ثلاثة أجزاء، في الأول يتناول الأدب والتعليم والصراع من أجل ثقافة وطنية ويضمنه عدة مقالات: "الأدب والمجتمع"، "الأدب في المدارس"، "الثقافة الكينية: الصراع الوطني من أجل البقاء"، كما يتضمن مقالات تحت عناوين: "أصفاد من أجل مسرحية"، "العودة إلى الجذور"، "حاشية: عن الحاضر".
أما الجزء الثاني فيتناول الكتّاب في السياسة وفيه مقالات عن جي. إم. كاريوكي ومقال بعنوان "يولد من جديد: ماو ماو بدون أغلال" ومقال آخر بعنوان "تويجات الحب". أما بالنسبة إلى الجزء الأخير الذي يعنونه بـ"ضد الاضطهاد السياسي"، فنقرأ فيه مقالات عن الاضطهاد في كوريا الجنوبية وصراع الشعب الكوري الذي يعتبره صراع كل الشعوب المضطهدة ومقالاً بعنوان "السارق والمسروق" يتناول فيه تجارب من الأدب الأفروأميركي.
في تجربة ترجمة كتاب وا ثِيُنْغو التفاتة إلى حقول لطالما تجاهلتها دور النشر العربية بوصفها كتابات ينتجها الهامش، إذ تنشغل دور النشر والمؤسسات العربية بالعموم في تقديم الفكر الغربي منحازة إلى الهيمنة الثقافية الغربية التي يصارعها وا ثِيُنْغو منذ بداياته، ومن جهة أخرى، فإن النقاشات التي يطرحها، وعلى الرغم من كونها تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، إلا أنها تبدو راهنة تماماً، خصوصاً في العالم العربي، حيث أن سؤال التحرر الثقافي من الكولونيالية بقي غير محسوم، ولعلّ البلاد العربية تمثّل فضاء لهذا الصراع حيث تقاوم العربية اللغات الأجنبية في قطاعات عدة وتراوح الكتابات بين بحث عن الأصالة وبحث عن تقليد نماذج غربية.
يُذكر أن الكتاب صدر أول مرة عام 1981 وفي عام 1997 أعاد مؤلفه طباعته مضمّناً إياه مقالات أخرى كتبها ضمن حملة للدفاع عن ناشطين نيجيريين من بينهم كين سارو وياو.


المصدر: العربي الجديد

السبت، 3 أغسطس 2019

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يوم الثبات الانفعالي" لـ سهير المصادفة: البيت المهجور وسكّانه الذين رحلوا

* "يوم الثبات الانفعالي" يبدو عنوانًا من غير المتعارف عليه في تسمية الروايات، كيف فكّرت فيه؟
أظن ذلك، ورغم أني وضعت عنوانها بمجرد وضع نقطة نهايتها إلا أنني ترددت قليلًا؛ لمعرفتي أنه قد يكون غريبًا. لكن في الواقع أحداث الرواية أيضًا ليست عادية، وعوالمها جديدة. كما أنني أعتقد أن عنوان الرواية، بل الرواية نفسها ينبغي أن تكون غير متعارف عليها أو مسبوقة في الأدب.


* متى بدأت التفكير في هذه الرواية وكيف تبلورت؟
منذ عامين تقريبًا، كنت أسير على كورنيش النيل في القاهرة، ورأيت بيتًا واقفًا في الظلام بمفرده، كان مهجورًا من أهله وجيرانه ومن كل مظاهر الحياة، فطاردني هو وسكانه الذين رحلوا، وحكاياتهم وآلامهم وضحكاتهم، فتساءلت: ولكن، أين تذهب الذكريات؟ كنت بالفعل أستعيد أصواتهم المعلقة في الفضاء، فغرقت في محبتهم تمامًا، وكتبتهم. 

* أين تضعين هذا العمل ضمن منجزك الروائي؟
دائمًا العمل الأخير لي هو الأقرب لقلبي، ربما لأن طاقة الحماس والمشاعر والأجواء ما زالت ماثلة في كياني كله، وربما لوسوسة أبطال جدد في أذني، فأتيقن أنني سأغادر مسرح أحداث هذا العمل، فأحبه أكثر، قبل أن أودع أبطاله وأسرّحهم إلى مصائرهم، وألقي على المكان الذي شيدته نظرتي الأخيرة، وأستمع إلى آخر موسيقى الفترة الزمنية التي تناولتها.

* كيف وجدت تلقي الجمهور في الأيام الأولى؟جمهور قرائي دائمًا كريم معي، فهم يحتفون بصدور كل رواية لي، منذ صدور روايتي الأولى: "لهو الأبالسة"، بينما أضع أنا يدي على قلبي وأقف مستندة إلى أقرب حائط، وأنا أدعو أن أكون عند حسن توقعاتهم.

* هل تضعين في الاعتبار التعليقات في الفيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي؟بالطبع، فهم القراء الأعزاء أنفسهم، فلقد انتقل المشهد الثقافي من الواقع الذي نعرف إلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ ولذلك أهتم كثيرًا بالتعليقات والأسئلة، وأحاول جاهدة الرد على كل تعليق وكل رسالة.

* تطلقين هذه الرواية في الصيف، ألا يشكل ذلك مغامرة من حيث أن الجمهور يكون أقل إقبالاً على القراءة في هذه الفترة من السنة؟في الواقع، لا أعرف هل هذا جيد أم لا تسويقيًّا، ولكن أراهن على أن العمل الجيد يُقرأ في الصيف وفي الشتاء، وأثق تمامًا في "منشورات إبييدي" وقرار رئيسها الدكتور عماد الدين الأكحل بأن يطلق الرواية في هذا التوقيت بالذات.





السيرة الأدبية للمؤلفة:
كاتبة مصرية، من أعمالها:   
- ديوان "هجوم وديع" 1997
- ديوان "فتاة تجرب حتفها" 1999
- رواية "لهو الأبالسة" 2003 - نالت جائزة اتحاد كتّاب مصر
- رواية "ميس إيجيبت" 2008
- رواية "رحلة الضباع" 2013
- رواية "بياض ساخن" 2015
- رواية "لعنة ميت رهينة" 2017
- رواية "يوم الثبات الانفعالي" 2019



مادة خاصة بمدوّنة "منشورات"

(كتب العالم) "الثقة في النفس" لـ شارل بيبين: ليس سلسلة من الوصفات - عبدالرحمن إكيدر

من أين تأتي الثقة في النفس؟ لماذا بعض الناس أكثر ثقة من الآخرين؟ هل هي مسألة مزاج أم هي ثمرة عمل على النفس ؟ ما علاقة الثقة في النفس مع الثقة في الآخرين، ومع الثقة في الحياة نفسها ؟ هي أسئلة يحاول الفيلسوف المبرز تشارلز بيبين الخوض فيها بالاعتماد على النصوص العظيمة في الفلسفة والحكمة القديمة وعلم النفس، ولكن أيضا في تجربة بعض الرياضيين والفنانين أو حتى مجهولي الهوية، ليشرح لنا سر الثقة في النفس في كتابه “الثقة في النفس: فلسفة”(la confiance en soi : une philosophie  الصادر عن دار النشر ألري Edition Allary سنة 2018).
إن الثقة في النفس هي أن تفتح النفس على ما تعبر عنه فينا، وأن نعرّضها لمفاجآت الحياة، وبعبارة أخرى، “أن نذهب”، على عكس أساليب التطوير الشخصية أو المدربين الذين يصرون على أساليب التمكن. ولم يجعلها الفلاسفة موضوعًا معينًا للدراسة، لكنهم قد اقتربوا منها بشكل غير مباشر. فالوجودية القائمة على السارترية، على سبيل المثال، تستند إلى الثقة التي يتمتع بها كل فرد بمفرده، أما نيتشه فيؤكد على أن كل فرد يمتلك شخصية أصلية. يقول المؤلف “هذا ليس موضوعا فلسفيا معتادا”، إذ “لا يتحدث الفلاسفة عنه إلا بشكل غير مباشر”، مشيدا في هذا الصدد بالفيلسوف الأمريكي رالف والدو إيمرسون الذي ربما يكون  الفيلسوف الوحيد الذي أخذ على محمل الجد موضوع الثقة في النفس، والذي كرس له مقالة قصيرة سنة 1841.
يشير المؤلف إلى أن “ما تسعى إليه الفلسفة هو إظهار أسس الثقة بالنفس”، ويضيف “يقول لك جميع علماء النفس: إذا كنت ترغب في اكتساب الثقة في نفسك، فما عليك إلا أن تتصرف وتنتقل إلى الأجرأة”، في حين يؤكد الفلاسفة على العمل، ويظهرون أن العمل ليس مجرد أرضية تدريب لبناء الثقة في النفس، ولكنها فرصة للالتقاء بالعالم، وللقاء الآخرين، ومقابلتهم”. آنذاك تغدو الفلسفة ممارسة للحياة ووسيلة للعيش بشكل جيد وسعيد في المقام الأول وليست مجرد خطاب نظري صرف.
بالنسبة إلى تشارلز بيبين فإن الثقة في النفس، وعلى عكس ما نعتقد، تأتي أولاً وقبل كل شيء من الآخرين وعلاقتنا ببيئتنا. ومع ذلك، “فإنني أشارك المدربين عندما ينصحون بالعمل، وممارسة اتخاذ القرار بشأن الأشياء الصغيرة. فالعمل كيفما كان يساعد على كسب الثقة”، فالثقة في النفس هي عملية جماعية وليست شخصية، يقول في هذا الإطار “أعتقد أن الثقة في النفس محققة بالفعل في العلاقة مع الآخرين وفي العلاقة مع العالم، دعونا نأخذ على سبيل المثال: طفلا صغيرا قلقا جدا (…) كيف نريد أن يثق هذا الرجل الصغير في نفسه؟ إن الثقة ستأتيه من الآخرين. سوف يطمئنونه، ويحبونه، ويحمونه، ويقدمون له النصيحة، إنهم يفعلون شيئين مختلفين: أولاً، يضعونه موضع ثقة، وثانيا، يثقون فيه”. ففي عصرنا الحالي الذي يركز على الفردية والأنا، نريد أن يعتقد الناس أنهم بحاجة إلى تطوير مهاراتهم الخاصة لاستعادة الثقة في النفس. لكن فوق كل شيء نحن كائنات عاقلة. فالطفل بمجرد أن يأتي إلى العالم يصبح كائنا تابعا، يأخذ الثقة في نفسه فقط شريطة الحصول أولاً على الثقة في المحيطين به. وكما قالت آن دوفورمانتيل وهي محللة نفسية “لا يوجد نقص في الثقة بالنفس، وعندما نفكر في أننا نفتقر إلى الثقة في أنفسنا، فإن ما ينقصنا فعلاً هو الثقة في الآخرين”.
إن أفضل طريقة لتحرير الطفل الصغير من القلق هي حمايته وتأمينه وحبه. وهذا يعني، منحه الأمن الداخلي، تلك الهدية التي هي أساس كل شيء. سوف يضعه الوالدان بشكل تدريجي في الثقة، ثم يثقون فيه، يمكنهم أن يعطوه مهمات للقيام بها، وسواء أنجح في المهمة الموكولة إليه أو فشل فيجب تشجيعه، وهنا يبدأ في اكتساب الثقة. وفي بعض الأحيان، فإن الأمر يتطلب مجرد معلم ملهم وكل شيء سيتغير.
وبالمثل، فإن إخبار الطالب الذي حصل على نتائج سيئة “أعطيك ثلاثة أشهر لتصويب المسار وأنا أثق فيك، وأنا أعلم أنك ستصل إلى ذلك”، فإن لذلك وقعا إيجابيا نحو تحقيق الأفضل. ويقترح تشارلز بيبين تأملاً حول هذا المورد الذي نفتقر إليه أحيانًا في حياتنا. فبدلاً من التفكير في الثقة في النفس كمسألة تتمحور حول الفرد، يوسع الفيلسوف دائرة هذه القضية لتشمل المقربين من الآباء والمدرسين والأصدقاء… إن الثقة في النفس هي أيضا الثقة في الآخر، والثقة في قدراته، وأخيرا الثقة في الحياة. إن هذه المصاحبة تعمل على تطوير الأمن الداخلي للفرد مما يفضي إلى المزيد من الجرأة في حياته. ولكن إذا كان بناء هذا الأمن الداخلي غير موجود في سنواتنا الأولى، فإنه يمكن أن يحدث ذلك لاحقًا بفضل ثقة الآخرين.
يعرض المؤلف لمجموعة من هذه الحالات، خصوصا المغنية الأميركية مادونا التي عانت صعوبات جمة في طفولتها: لا مبالاة الأب ووفاة الأم بالسرطان. غير أن معلم رقص الباليه شجعها وبيّن لها مدى تميزها وموهبتها في الرقص والغناء. هذه النظرة سوف تغيّر حياتها، وفي نهاية عرض السنة، تكتشف الطالبة نفسها أمام جمهور مدهش، لقد وُلدت نجمة الروك. بالإضافة إلى هذه القصة يستشهد المؤلف بقصص أخرى لمجموعة من المشاهير الذين حققوا نجاحات مبهرة من قبيل المجموعة الغنائية البيتلز وعدد من الكتاب مثل جورج ساند، ولعدد من الرياضيين كالشقيقتين ويليامز، ومتسلق الجبال إريك ديكامب.
لا يقدم كتاب تشارلز سلسلة من الوصفات التي يجب تطبيقها بحذافيرها، وإنما نصائح عملية ومن خلال أمثلة ملموسة تقودنا إلى التأمل، وتُظهر لنا كيف يمكننا أن نحصل على ثقة أنفسنا، ومجابهة تحديات الحياة ومفاجآتها غير المتوقعة والتخلص من مخاوفنا وهواجسنا التي تقيد الطموح وتكبح رغباتنا. يقول المؤلف “إن الثقة في الحياة هي الرهان على المستقبل، والإيمان بالقوة الخلاّقة للعمل، والتعبير عن عدم اليقين بدلاً من الخوف منه…”. إن الثقة في النفس لا تكمن في الثقة بأن “الأنا” قوية للغاية وخالية من أيّ عيوب. بل على العكس، فإن الذات التي نتحدث عنها هنا هي استسلام ذاتي لسر العالم، ذلك أن الثقة في النفس هي الثقة في الحياة.
وفي المقابل فإن الحكم على النفس نهائيًا أمر سيء بالنسبة إلى ثقة المرء في نفسه. فقد تكون للفشل فضائل لا تحصى، فمواجهة الفشل والتصريح به يعد جرأة محمودة، والحياة مغامرة محفوفة بالمخاطر، لذا على المرء أن يثق في نفسه لتجربة المغامرة. وما على المرء إلا أن يفكر، على صورة سارتر أو فرويد أو لاكان أو رواقيّي العصور القديمة بأن الثقة في النفس تعتمد أيضًا على معرفة أنفسنا ورغبتنا في سعينا للسير قدما في هذه الحياة.
“الثقة في النفس: فلسفة” كتاب مثير للتفكير، منير لأسرار الثقة في النفس. ولكن أيضًا للحياة وطريقة فهمنا لها. فهو يساعد على إثارة الكثير من المواقف الإيجابية. يستكشف فيه الفيلسوف تشارلز بيبين ينابيع الثقة في النفس، متوسلا بنصوص الفلاسفة والحكماء والمحللين النفسيين وتجارب الرياضيين والفنانين، ليبين لنا كيف نثق في قدراتنا على الرغم من صعوبات الحياة ومشاقها.

المصدر: العرب

(متساكن جديد في مدينة الكتب) "الجزائر نحو جمهورية جديدة" لـ نور الدين خبابه

صدر حديثاً في فرنسا كتاب "الجزائر نحو جمهورية جديدة" للإعلامي الجزائري نور الدين خبابه، على أن ينشر على الإنترنت بالمجان، لتمكين الجزائريين والجزائريات من مطالعته لا سيما في هاته الظروف التي تمر بها الجزائر.
والكتاب هو عصارة أفكار وتراكمات معرفية وتجارب صاغها المؤلف في 5 فصول.
في الفصل الأول يُقدِّمُ الكاتب من خلال الإشكالية التي يطرحها، بحثاً موضوعياً مُفصّلاً، يغوص من خلاله في أغوار ودهاليز الأزمة الجزائرية، الممتدّة إلى ما قبل الاحتلال الفرنسي، مُستعمِلًا في ذلك المعاينة والتشخيص.
كما يشرح الكاتب ضمن هذا الفصل عملية الاختراق التي تعرض لها المجتمع الجزائري، منذ معركة نافارين التي أستُدرِجَ إليها الأسطول الجزائري وحُطِّم، وكان ذلك مقدّمة لاحتلال الجزائر، وإلى غاية صدور الكتاب، عبر محطّات تاريخية وتسلسل منهجي سلس، وكذا انطلاق الجمهورية الجزائرية على أسُسٍ خاطئة، وتراكمات سلبية ورّثت جملة من الصراعات والصدامات والأحقاد، وولّدت احتقاناً يكاد يحرق الجزائر.
في الفصل الثاني، يشرح كيفية تطويق الأزمة الجزائرية وطمأنة الشعب الجزائري من خلال بعث الأمل، حتى لا تضيف الأزمة أزمات أخرى، الشعب في غنى عنها، وترهن مصير أجيال المستقبل.
ويشرح كيفية الوصول إلى وعي عامّ في الجزائر عن طريق اقتراح مشروع مجتمع، كبديل حضاري يتلاءم مع طبيعة الشعب، تدفع إليه مؤسّسة وقناة المصالحة المستقلة، بغرس ثقافة الحوار وتبادل الأفكار والاهتمام بالأسرة، وتبنّي ضحايا المأساة الجزائرية، وفتح برامج توعوية وتنموية تنافسية، ونوادي المصالحة في الداخل والخارج، وتهدف إلى إعادة اللُّحمة داخل المجتمع الجزائري والحرارة الأسرية التي غابت، وبناء جسور التواصل، وإحياء القِيّم والأخلاق والفضائل، ومحاربة الرّذائل والآفات الاجتماعية المختلفة.
وفي الفصل الثالث يشرح خيارات التغيير، وما يحمله كل خيار من مخاطر على أمنِ واستقرار البلاد والمنطقة بصفة عامة، ويُبيّن الخيار الأمثل والأسلم الذي يليق بالجزائر دولة وشعبا، يحفظ وحدتها، ويحصن تاريخها وحاضرها، ويصنع مستقبلها الزاهر.
في الفصل الرابع يُقَدِّمُ المؤلّف كيفية معالجة الأزمة الجزائرية، وبناء جزائر الغد المنشودة، لتحقيق التنمية المستدامة، عبر محطة تاريخية فاصلة، تهيئ المناخ لمستقبل واعد، وتدفع بالجزائر نحو الأحسن. وهذا بعقد مؤتمر الجزائر، الذي يصادق فيه المؤمنون بالتغيير المرحلي التوافقي على ميثاق وضمانات، ويُفضِي الى تشكيل حكومة وطنية تشارك فيها الكفاءات في الداخل والخارج. ويكون مؤتمر الجزائر مُنطلقا لتأسيس جمهورية جزائرية جديدة عبر مراحل، تُحقّقُ حُلم الأجيال، وتُجسّدُ تضحيات الشهداء المتعاقبة، في إطار مشروع مجتمع جديد، يحفظ الذاكرة الجماعية، وهوية الشعب. ويؤسّس لمصالحة وطنية حقيقية، كسلوك حضاري يُنهي عصر الضغائن، ويؤسّسُ لعصرٍ جديد يهدف إلى نهضة شاملة، تجعل من الجزائر بلدا كامل السيادة، يكون رأس مالها الإنسان، كما يضع مؤتمر الجزائر معالم للأجيال اللاحقة.
وفي الفصل الخامس والأخير يُقَدِّمُ اقتراحات لحل النزاعات في المنطقة، وبناء المغرب الكبير، في إطار مُصالحة مغاربية، تُبنى على أسس متينة، لتُساهم في جعل المغرب قوة في المنطقة. ويدفع إلى مصالحة عربية تُساهم في رأب الصدع، وتقضي على الحروب والنزاعات، وتسُدُّ النزيف الدموي الحاصل، وتفتح الآفاق بين الشعوب، لإرساء دعائم الأمن والسِّلم والتعايش في العالم، في ظل بيئة جديدة، بعيدة عن الحروب؛ بل للإعمار والاصلاح في الأرض، والتّنافُس على خدمة الإنسانية جمعاء، في إطار مؤتمر عالمي، وميثاق دولي جديد.
ويكشف الكاتبُ في الملحقات وثائق رسمية متعلقة بالثورة الجزائرية، تُميطُ اللثام عن قضايا كانت ضمن المحظور. الكتاب يحتوي على 212 صفحة.


المصدر: ضفة ثالثة

الجمعة، 2 أغسطس 2019

(المؤلّف يقدّم نصّه) كاميرات وملائكة لـ حسن فالح: بغداد على محكّ الديستوبيا

* توحي النبذة التي تقدَم رواية "كاميرات وملائكة" (منشورات سطور) بأنك اتخذت من مستقبل بغداد موضوعاً. لماذا هذا الاختيار؟
رواية "كاميرات وملائكة" هي آخر عمل روائي لي، إذ صدرت في عام 2018، وانبثق هذا العمل بعد ساعات من انفجار حي الكرادة عام 2016 الذي أودى بحياة أكثر من 400 شخص، عندها وحين كنت أشاهد هذا الكم الهائل من الدمار والخراب والضحايا فكّرت لو استمرّ الحال على ما نحن عليه. فكرّت أنه قد لا يبقى منا أحد وقتذاك، وأن سيكون حال بغداد كحال المدن التي اختفت في السابق ولم يبق منها سوى أطلالها، ربما لن يبقى منها سوى القصص التي ربما ستتحول فيما بعد إلى قصص تندرج ضمن غلاف ألف ليلة وليلة، وربما سيكتب عن شعبها أنه شعب كان يحلم بالسلام، لكن حلمه لم يتحقق. أما عن قصدية اختيار هذا الموضوع، ربما يحمل الروائي مخيلة تمرّنت على إضفاء الخيال على الواقع للوصول بالمتلقي أو القارئ إلى ما لا يمكن اعتباره مجرّد تدوين لمذكرات المدينة، لذا أضفت ما يمكن اعتباره رؤية يمكن تصنيفها على أساس الواقعية السحرية في الكتابة السردية، وتحميل النص أسماء الأمكنة الحقيقية وبقائها على ما هي عليه داخل المدينة التي ارجو ان تبقى بسلام دائم.



* لو تحدثنا عن تراكم فكرة هذا العمل؟ وهل توجد خيارات أسلوبية وسردية معينة يمكن الإشارة لها؟
عام 2016 تم ترشيحي لورشة كتابة جائزة البوكر بالاشتراك مع مؤسسة عبد الحميد شومان في الأردن- البتراء، وكنت ضمن مجموعة من الكتاب الشباب من بلدان عربية مختلفة، وكان على كل واحد منا قراءة نص سردي مكتوب، ومن ثم يستمع جميع الحاضرين من مدراء للورشة وكتاب إلى النص ويعطون الملاحظات لتطويره ومن ثم يتم التعديل عليه، وكان نص "كاميرات وملائكة" عبارة عن قصة كتبتها بعد أحداث انفجار حي الكرادة ببغداد، قرأت بعضه في الورشة ومن ثم تم تطويرها داخل ورشة العمل بعد تلقي الملاحظات من اللجنة المشرفة، لتتحول فيما بعد إلى عمل روائي في 144 صفحة. اعتمدت طريقة الكاميرات بدل الفصول التي تعوَّد القارئ عليها في الروايات، ويمكن أن يكون هذا الأسلوب تجريبياً بعيداً عن رتابة الإخراج الفني للرواية المتبع عادة، والذي يعتمد على الفصول المتتالية التسلسل داخل العمل السردي.



* هل يمكن القول بأن الرواية تحمل نظرة تشاؤمية عن مستقبل العراق، وربما البلاد العربية بشكل عام؟
فيما يخص الخيارات الأسلوبية او الأسلوب السردي للرواية والنظرة التشاؤمية فقد كتبت بما يمكن أن نطلق عليه الأسلوب الديستوبي ويعد هذا النوع من الأدب (الديستوبيا) أدب مخيالياً لا ينتمي للمنظومة الكلاسيكية في السرد فهو أدب المدينة الفاسدة أو أدب الواقع المرير والنهايات، وهو أيضا ادب مخيف غير مرغوب فيه يوضّح ملامح القبح والخراب من خلال الكتابة، لذا
توضح الرواية مستقبل بغداد من وجهة نظر سماوية وعبر ما سجلته كاميرات الملائكة التابعين لغرفة رئيس الكونترول المسؤول عن كل شاردة وواردة في هذا العالم وهي بذلك تقترب للروايات التي كتبت من قبلها، ففي عام 1863 قدم الكاتب الفرنسي الكبير جول فيرن رواية "باريس في القرن العشرين"، وضمنها ظهرت باريس في عصر تتقدم فيه التكنولوجيا كثيرا وتتراجع الثقافة. كما قدم رائد الخيال العلمي هربرت جورج ويلز روايته "آلة الزمن" عام 1895، وهي مصدر إلهام للعديد من الروايات في ما بعد، حيث أعطت صورة متقنة لمستقبل بالغ الشناعة ينقسم فيه البشر إلى صنفين: الصنف الأول "مورولوك" وهم الطبقة العاملة التي تسكن الأنفاق وتحيا حياة بائسة، والصنف الثاني "الإيلوي" الذين ينعمون برغد العيش، ويعتمدون اعتماداً كلياً على الآلات والتكنولوجيا. لذا فالديستوبيا ليست اتجاها فنيا فحسب بل واقع نعيشه عبر التاريخ الإنساني، حيث يعد القرن العشرون العصر الذهبي للديستوبيا الحقيقية على ارض الواقع، ديستوبيا دول فاسدة وحروب ودمار.



* كيف وجدت استقبال الرواية، وبشكل عام كيف ترى مقروئية الرواية العراقية في العراق نفسه وفي الوطن العربي؟
بداية يمكن القول إن الرواية العربية بشكل عام حققت في 150 عام ما لم يحققه الشعر في 2000 عام، وذلك باعتبار أن العرب امة شعرية منذ القدم، لكن ولأن الرواية التي دائما ما أصفها بأنها جنس أدبي يفترس كل ما يقع أمامه من شعر، قصة، أسطورة، خرافة، مقال ونثر لذا فهو جنس متطور يسع كل شيء، وحقق حضورا على مستوى عالمي لا سيما بعد وصول كتاب عرب لنيل جوائز عالمية وإقليمية ومحلية. وفيما يخص الرواية العراقية فقد سجلت حضورها في المشهد العربي والعالمي وذلك من بعد عام 2003 الذي أعطى حرية في الكتابة من غير قيود على الكاتب، لا سيما أن هذه الفترة شهدت أكثر من 700 عمل روائي عراقي وبذلك حققت هذه الفترة إنجازاً لم تحققه في الفترات السابقة. وربما يرى البعض أن هذا الرقم هو رقم كبير بالنسبة لنوعية الرواية وجودتها وهناك استسهال في إصدار الروايات لكن يمكن الإجابة على ذلك بأن فرنسا في العام الواحد يصدر فيها أكثر من 700 رواية لكتاب من كلا الجنسين وبأعمار مختلفة. وبخصوص رواية "كاميرات وملائكة" فهي عملي الأخير وقد سبقته رواية "تكسي كراون" عام 2015، ورواية "قارئ الطين" في 2016، ومجموعة قصصية بعنوان "حدائق الصمغ" صدرت في 2017. ألاحظ أن رواية "كاميرات وملائكة" تحقق مبيعات جيدة في شارع المتنبي الذي يعد شارع الثقافة ببغداد.

(مادة خاصة بالمدوّنة)

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...