الاثنين، 9 سبتمبر 2019

(المؤلف يقدّم نصّه) رسول محمد رسول عن "فتنة الأسلاف" - مؤمنون بلا حدود

أيّة أهمية تكتسيها العودة إلى كانط من خلال هيدغر؟لا أعتقد أن قراءة فيلسوف ألماني كبير مثل مارتن هيدغر لسلفه إمانويل كانط عادية ولا عابرة؛ فمن المعروف أن التجربة الفلسفية لكانط هي تجربة ثرية ومؤثرة في تأريخ الفلسفة الحديثة برمتها ولا زالت هي مؤثرة في المشهد الفلسفي المعاصرة لكونها فلسفة حية نابضة العطاء، وهذا ما تنبّه إليه هيدغر فوقف عند شواطئ بحرها وانتقل إلى أعماقها فخاض الغمار المعمّق فيها بولع وشوق فصار المقروء (كانط) سلفاً ثرياً للقارئ (هيدغر)، وكانت قراءة الأخير للأول ثراء أضفى عطره في مشهدية القراءة الفلسفية خلال القرن العشرين، وتلك الأهمية أعتز بها كثيراً في منجزي القرائي والبحثي والكتابي، وأقدمها للقارئ العربي، خصوصاً أنها وقد لاقت استحسانه. 


بماذا تسفيد الثقافة العربية من فهم هذا اللقاء بين فيلسوفين ألمانيين كبيرين؟الأول التعرّف إلى فلسفة كانط، والثاني التعرّف إلى الكيفية التي يقرأ بها الفيلسوف المعاصر فلسفة أسلافه، والثالث التعرّف إلى طبيعة القراءة الفلسفية، والرابع التعرّف إلى طبيعة التواصل الفلسفي عندما يقرأ الخلف ذلك السلف. وهكذا مشهد هو إثراء للثقافة الفلسفية التي تتوسَّل المقارنة، والحري بنا - نحن العرب - أن نتمرّن على هكذا قراءات فلسفية، وأعتقد أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا - نحن العرب - لنفعل الأمر نفسه فيما بين مفكرينا وفلاسفتنا العرب، لا سيما أن لنا تجربة فريدة في تأريخنا الفلسفي وتلك هي مجريات قراءة ابن رشد لفلسفة أبي حامد الغزالي؛ فلم لا نكرّر الأمر؟  


صدر العمل ضمن "سلسلة التأويليات" التي أطلقتها مؤسسة مؤمنون بلا حدود، كيف تجد حال الكتابة ضمن التأويلية عربياً اليوم؟الكتابة التأويلية العربية رائعة ومنتشرة في غير حقل، لا سيما الحقل الأدبي والفني والجمالي، لكنها في الحقل الفلسفي تبدو شحيحة؛ ولذلك ولدت سلسلة التأويليات في الجانب الفلسفي، ويشرف عليها الفيلسوف التونسي محمد أبو هاشم محجوب، وهو رجل له منجزه في الدراسات والترجمات التأويلية، ويساعده آخرون في تونس، لا سيما الدكتور فتحي إنقزو، وأنا متفاءل بهذا المشروع رغم الصعاب التي تحيط به.


تضمّن عملك قراءة في ترجمة مصطلحات هايدغر، كيف تجد جهد المترجمين العرب في هذا الصدد، وفي إدماج المفاهيم الفلسفية الغربية في الثقافة العربية بشكل عام؟أرى أن جهودهم جيدة في خلال عقود القرن العشرين؛ إذ يوجد تنوّع، وقبله توجد إرادة في بناء المصطلح الفلسفي المترجم؛ بل توجد اجتهادات لا بأس بها، خصوصاً في خلال الخمس والعشرين سنة الماضية؛ حيث نشطت الترجمة في غير مكان بالوطن العربي، من داخله وخارجه، كما أن مراكز الترجمة تعدّدت في الوطن العربي خلال هذه السنوات، ومن المترجمين للنصوص الفلسفية الهيدغرية إلى لغة الضاد وهم الأوفياء للدرس الفلسفي عموماً من الذين اعتز بهم هم كل من: الدكتور فتحي المسكيني، والدكتور مشير باسيل، والدكتور محمد أبو هاشم محجوب، وقبلهم آخرين ممن اجتهد في ترجمة النص والمصطلح الهيدغري إلى العربية، وأقولها صراحة: لم يشهد المصطلح الفلسفي الهيدغري إقبالاً ثرياً على نقله إلى العربية مثلما وجدناه في خلال السنوات العشر الماضية.


رسول محمد رسول فيلسوف وناقد وروائي عراقي من موالدي الكوفة (1959). من مؤلفاته الفكرية: "الحضور والتمركز"، و"المعرفة النَّقدية"، و"العلامة .. الجسد.. الاختلاف.. تأمُّلات في فلسفة مارتن هيدغر"، و"ما الفيلسوف؟ إنسان التنوير ومفكِّر صباح الغد"، "كانط في ذاته.. دروب الفيلسوف في تعمير مفاهيمه"، و"مارتن هيدغر عربياً"، كما شارك في العديد من الكتب الجماعية. كما أصدر في الرواية "يحدث في بغداد" و"أنثى غجرية".

مادة خاصة بمدونة "منشورات"

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا للزميلة بثينة غريب على جهدها الطيب وشكرا للقائمين على المدونة. تحيات لكم جميعا

    ردحذف

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...