الاثنين، 21 أكتوبر 2019

(ضيف منشورات) شربل داغر: أفكار في مشغل الكتابة

1- تعددت إصداراتك بين أجناس كتابة متنوعة: شعر، رواية، بحث. كيف توازن بينها؟ وهل يؤثّر جنس الكتابة في اختيارك ناشر العمل؟هذا التعدد بات لا يزعجني كما في السابق. فقد كنت أتردد ما إذا كنت شاعرًا أم أكاديميًا أم مترجمًا وغيرها من الأساليب الكتابية التي قمت بها... كنت أفحص نفسي كما لو أنني مخلوق غير طبيعي، فيما تبينت بعد وقت أن هذا التعددد يحددني، وأنه يؤلف أوجه كتابتي. أما لجهة علاقاتي بالناشر، فهو سؤال مناسب، إذ إنني طرحته على نفسي منذ سنوات بعيدة، ورحت أعمل بمقتضاه: عهدت بكتبي في الفن إلى ناشر بعينه، وكتبي في درس الشعر إلى ناشر آخر، أما كتبي الشعرية فقد تنقلت بين أكثر من ناشر، طمعًا بالوصول إلى أكثر من بلد.


2-بعض كتبك تحولت إلى مراجع مثل "الشعرية العربية الحديثة" و"مذاهب الحسن"، كيف ترى هذه الأعمال اليوم على مسافة سنوات من تأليفها؟
هذا ما بلغتْه كتب مختلفة لي، حيث ظهرت الحاجة إلى إعادة طبعها، أو اختيرت للطبع ضمن كتب مختارة. أما الكتابان المذكوران فهما موصولان بأطروحتَي الدكتوراه اللتين حصلتهما: الأول في دكتوراه الأدب العربي الحديث، والثاني في فلسفة الفن. أما إلقاء النظر عليهما بعد هذه السنوات فهو ما أجريه في أكثر من لحظة أو موقف، إذ يمثل كل واحد من هذين الكتابين محاولة صاحبتها الكثير من المتاعب، بالمعنى المنهجي، أو لجهة تجميع المدونة. لهذا تبدو نظرتي عليهما نظرة من يرتاح بعد مشقات الوصول.




3 - هل تعتقد بأن الحضارة العربية الإسلامية أنتجت فكراً جماليا يمكن الاستناد إليه اليوم في فهم الفن؟
تتوافر، في الحضارة الإسلامية بالعربية، مدونة متفاوتة ومتباينة في مسألة "الحسن"، أو الجمالية بلغة اليوم. منها ما يصف أحوال الصناعات، بين إنتاجها، وانتشارها، وتداولها. ومنها ما يتصل بالحُكم عليها. ومنها ما يتصل بمنزلتها بالنسبة إلى غيرها، حيث إن للحسن "مذاهب"، و"مذاهب"، قد تظهر بين "الجمال" و"الجلال"، مثلما يميز بينها ابن العربي... المدونة متوفرة، وإن كانت معدودة في جوانب منها. إلا أن ما نفتقر إليها هو النظر الدارس والمناسب لهذه الفنون القديمة. فنرى الدارس يُسقطها أحيانا، أو يجعلها موافقة تمامًا لما آلت إليه الصناعات والفنون والنظر إليها في القرون الأخيرة... أعتقد أنننا لا نزال نفتقر إلى أسباب قيام مدرسة للفكر الجمالي في راهن ثقافتنا، سواء في ما يتعلق بالفنون القديمة أو الحديثة. هناك مجهودات أكيدة، هنا وهناك، إلا أنها لا تزال مبعثرة، وتحيط بها مشاكل عديدة.



4- لديك تجارب في الترجمة، إلى أي حد يفيدك ذلك في بقية انشغالاتك؟
الترجمة أستسيغها للغاية عندما أقرر الانصراف إليها. أستسيغها مثل من يطلب التلصص على غيره مما يحلو له، فكيف إن سعى إلى تملكه بنقله إلى لغته. كما أن ممارسة الترجمة تتيح لي الوقوف في "مشغل
الكتابة"، حيث تبدو الثقافات مثل اللغات تتوقف عن الاشتغال في أطرها الخاصة، وتنشط فيما بينها، بحيث يتحقق المترجم من تفاعلاتها ومصاعب حواراتها في بعض الأحوال.


5- تنشط كثيرا في السنوات الأخيرة كمحاضر، (انطلاقا من تعدد زياراتك لتونس)، كيف تجد تفاعل المبدعين مع ما يقدّم من أبحاث حول الأدب والفن؟
حللتُ في تونس أكثر من مرة، منها للمشاركة في مؤتمرات أو ندوات أكاديمية، أو في أمسيات شعرية، أو في زيارات جامعية للتدريس في أكثر من معهد عال للفنون فيها. وهي زيارات أتاحت لي التفاعل مع بيئات مختلفة، وكانت فرصة للتفاعل والتبادل حيث للأفكار أن تمتحن مدى قدرتها على الإقناع. وهو ما يسرني إذ يمكنني من أن أضع ما أكتبه، ما أفكر فيه، قيد التطارح والنقاش.



6- ماهي اهتمامتك الأساسية اليوم كقارئ سواء بالعربية أو بلغات أجنبية؟
لي قراءات متعددة ومختلفة، تبعًا لتعدد شواغلي. أمضي في هذه الأسابيع الأخيرة ساعات وساعات مشوقة في إعادة قراءة أبي العلاء المعري، من جهة، وفي قراءة مواد مختلفة حول فلسفلة الصورة، هنا وهناك.



7- كيف تجد متابعة منظومة النشر للحياة الفكرية والإبداعية في العالم العربي؟ هل تمثل عامل تنشيط أم عائقا لها؟
منظومة النشر تتكفل بجوانب أساسية من الإنتاج الإبداعي والفكري في ثقافتنا اليوم، لكنها غير كافية، على ما أتحقق من ذلك. وهي مسؤولية مشتركة تقع على دور النشر، بل على مراكز البحث خصوصًا في المعاهد والجامعات، وتقع أيضًا على الكتاب والباحثين. فهناك نواقص عديدة، ومهمات ملحة من دون أن يتكفل بها البحث أو الدرس أو الترجمة.



مادة خاصة بمدوّنة "منشورات"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...