الأربعاء، 13 نوفمبر 2019

(من واقع الكتاب العربي) النشر الجماعي: لست ضدّه ولكن.. / محمد جديدي - الجزائر

كثرت في الآونة الأخيرة (أقصد على الأقل منذ عشر سنوات) ظاهرة نشر الكتب الجماعية وأتحدث بشكل خاص هنا عن الكتب الفلسفية، سواء أكانت عبارة عن جهود مجموعة من الأساتذة والباحثين ضمن استكتاب حول موضوع معين أو شخصية فكرية أو حول فلسفة أو نزعة بعينها تكون هذه الجهود ضمن مشروع يعلن عنه، أو كانت عبارة عن أعمال مؤتمر علمي أو ندوة تجمع فيها نصوص ذلك الملتقى وتطبع وفي كثير من الملتقيات تتم التوصية بطبع أعمال الملتقى وإن كانت لا تلقى كلها طريقها للطبع والنشر.
لئن كنت شخصيا أتحفظ على مثل هذا النوع من النشر إلا إذا استوفى جملة من الشروط المنهجية والمعرفية خاصة (الإلمام الواسع، العمق في التناول، الدقة في الطرح) والموضوعية (توفر النصوص الأساسية، الوقت الكافي)، أرى أنها في كثير الكتب الجماعية غير متوفرة، فهذا لا يمنع من وجود كتابات جماعية رصينة وقمينة بالاحترام والتثمين وإن كانت قليلة.
ما أقصده بالتحديد هنا هو ظاهرة الاستكتابات الجماعية وليس طبع أعمال وأوراق المؤتمرات، وأول شرط ينبغي أن يراعى هو التخصص الذي لا يعني مجرد شهادة إنما الإلمام بالموضوع الذي ستكتب فيه ومعايشته والاحتكاك الدائم به ومعرفة أهم ما كتب عنه بشكل مستمر ومحين والاطلاع الواسع عليه في مصادره، إذ لا يعقل مثلا أن يلجأ أستاذ باحث إلى استعارة مراجع وكتب من زميل له ليكتب عن شخصية وهو يعلم أن من أعاره تلك الكتب قد أنجز بحثين أكاديميين حولها، فمن الأولى بالكتابة عنها؟ 
أذكر مرة أنه طُلِب مني أن أكتب ضمن عمل جماعي حول فيلسوف معاصر فاعتذرت وقدمت باحثة أشرفت على بحثها في مرحلة الماجستير ورأيت أنها ستكتب في الموضوع بشكل أدق وأعمق مما كنت سأكتبه بشكل سطحي لو كتبته.
غالبا ما تنجز الأعمال الجماعية بتظافر جهود باحثين مختصين، وربما تعذر القيام بها من طرف باحث بمفرده أو تطلب منه ذلك وقتا أطول (كالموسوعات والمعاجم والكتابات الكبرى...إلخ)، وهي جهود يميزها التحكم والتمكن المعرفي والعمق في الطرح والتحليل والإلمام الواسع وتجاوز السطحية والتكرار والتسرع واستسهال النشر وهي من الأمور ـ مع الأسف ـ تطبع كثير من المنشورات الجماعية في الآونة الأخيرة.

من صفحة الباحث على فيسبوك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...