الجمعة، 13 سبتمبر 2019

(عودة إلى كتاب) وليد علاء الدين.. عن معادلات "كيميا"

 تعود هذه الزاوية إلى كتاب ليس حديث الإصدار فتحاول أن تقرأ تلقيه من خلال مؤلفه، ومن خلال ذلك تضيء مجدداً عوالمه والصلات التي لا تزال حاضرة بين الكتاب وصاحبه. ضيفنا اليوم الكاتب المصري وليد علاء الدين، واخترنا أن نحدّثه عن روايته "كيميا" التي صدرت في 2018 عن دار الشروق 


* "كيميا" من الروايات التي صدرت في السنوات القليلة الماضية وحققت سمعة جماهيرية لافتة. كيف ترى هذه الرواية على مسافة سنة تقريبا من إصدارها؟
سعيد بحالة التلقي الإيجابي التي حققتها "كيميا"، سواء على مستوى النقاد الذين رأوا فيها تجربة جديدة في معالجة التاريخ والجمع بين أشكال السرد المختلفة، أو على مستوى القراء –خاصة الشباب، الذين غمروني برسائلهم وتعليقاتهم المتسائلة عن كيميا وعن حالة الحلم والتخييل في الرواية .. في الحقيقة يمكنني القول إن رواية "كيميا" أعادت لي الثقة في أن الشباب يستطيعون الاهتمام بالروايات التي تحترم عقولهم شريطة أن تنجح في تحقيق معادلة الجمع بين المعرفة والجمال، فلا تكون جافة ومتعالية لمجدر أنها تطرح أفكارًا ذات قيمة، ولا تكون فارغة ولا هدف لها سوى التسلية بالمعنى الفارغ من القيمة. 


* هذا النجاح ألا يخيفك، أو يعقّد حسابات المؤلفات المقبلة على الأقل؟ليس لدي حسابات  خارج الكتابة، الكتابة كما أعرفها امتداد لحالة التفكير والانشغال، أكتب في المساحة التي تشغلني بهدف توسيع مساحة التساؤلات وأستعين بالرواية تحديدًا على وضع برنامج قراءة في المساحة التي تشغلني فكريًا، فأقرأ وأكتب. وربما يساعدني نجاح رواية "كيميا" وما دار بشأنها من نقاشات على فهم الكيفية التي يتلقى بها القراء على اختلافهم الرواية، وهو ما قد ينعكس تلقائيًا في كتاباتي المقبلة، فالكتابة وسيلة تواصل تتطور وتزداد كفاءتها من خلال الممارسة والنقاش.. وهو ما أظنه يحدث من خلال متابعة تطور حالة التلقي النقدي والعام بين روايتي الأولى "ابن القبطية" الصادرة عام 2016 ثم رواية "كيميا". هناك ما تعلمته من خلال التواصل مع النقاد والقراء في الرواية الأولى فأفادني في الثانية وهكذا.. الإفادة هنا هي التطور الضروري للكتابة في مساحة وظيفتها كوسيلة تواصل. 


* بجرأة قدّمت صورة مضادة للمتعارف عن جلال الدين الرومي، حتى أن هذه الرواية تبدو عملا مضاداً لأشهر ما كتب عن الرومي رواية "قواعد العشق الاربعون". ألم تتهيّب من هذا الدور الذي يمكن أن تلعبه الرواية؟
في ظني أن هذا هو الدور الذي يجب أن تلعبه الرواية من الأساس، وضع حد للانجراف وراء السائد والمكرور والدعوة لإعادة النظر في الأفكار الجاهزة، مسبقة الصنع، التي تم تركيبها بالأساس خارج عقولهم.. دور الكتابة هو حث الناس على إعادة التفكير في ما ظنوا طوال الوقت أنه مسلّمات وحتميات وحقائق، ليس الهدف من ذلك هدم المسلّمات أو تحطيم القناعات، بل إعادة التفكير فيها وبنائها بشكل ذاتي، حتى لو كانت النتيجة مزيدًا من الاقتناع بها، لكن الاقتناع في هذه الحالة سيصبح مبنيًا على فهم وتفكير.. دور الرواية هو تمرير المعرفة على حامل من الجمال والمتعة، والمعرفة ليست مجرد معلومات إنما المعرفة في أبسط تعريفاتها هي القدرة على استعمال هذه المعلومات من أجل تكوين رأي أو بناء وجهة نظر. و"كيميا" دعوة جمالية لإعادة النظر في الصورة الذهنية السائدة عن التصوف أو غيره من عقائد وديانات وفلسفات وصيحات فكرية كبرى في ضوء معادلة بسيطة هي أن الإنسان أهم من كل ما صُنع لأجله من ديانات وفلسفات وعقائد وخلافه.



* إذا كان الغلاف صريحا حين أشار إلى الرواية كجنس للعمل، فإن القارئ طوال العمل يظل مشتتا بين فرضيات أجناس أدبية عدة، وبين الواقع والتخييل، إلى أي حد استهوتك هذه اللعبة؟هي بالفعل لعبة، الرواية ليست معادلة كيميائية أو قانون فيزيائي نطبقه وننتظر النتيجة المتوقعة منه، إنما هي وجبة يختلف مذاقها ورائحتها باختلاف مكوناتها، ويختلف شكلها باختلاف ثقافة من يقدمها وذوقه ومعارفه.. التصنيفات تأتي لاحقة للإبداع، وهي في كل الأحوال مجرد محاولة للتنصيف من أجل الدراسة، هناك عالم يصنعه مؤلفه ويضعه بين غلافين ويدعو القارئ إلى التجول، والرهان أن يُصدق القارئ هذا العالم، بمنطق هذا العالم وليس بأي منطق آخر خارجه، العلاقة بين القارئ والروائي علاقة تواطؤ بالأساس، يقول القارئ للروائي أعرف أنك تصنع خيالًا وسوف أصدقه شريطة أن تمنحني شروط هذا التصديق وأن أستمتع برحلتي في هذا العالم، وتقول الرواية للقارئ تفضل أهلا بك في عالمي، وإن لم تجد ما يروقك فغادر. ما الذي يجعلنا نقول إن الرحلة ليست رواية، وإن الرواية ليست رحلة، ما الذي يجعلنا نقول إن السيرة الذاتية أو الغيرية ليست رواية وإن الرواية ليست سيرة؟ هذا التصنيف خارج الرواية، داخل الرواية إما أن تسقط في عالمها فتستكمل الرحلة أو تنفر فتغادر.


* هل تتابع ما يكتبه قرّاء عاديون على فيسبوك أو غودريدز، وكيف تتعامل مع هذا النوع من المراجعات؟أتابع بشغف وأهتم بكل الملاحظات والتفاصيل، ربما لطبيعتي الشخصية وربما لاهتمامي الممتد مع العمل والدراسة في مجال الإعلام ودراسات الرأي العام ورجع الصدى، وربما لأن ذلك وثيق الصلة بالدراسات الثقافية وهي مجال أكتب فيه ويستهويني، وربما لأن علم الاجتماع والدراسات النفسية مجالات لا يمكن فصلها عن الكتابة الروائية، وربما لأن قضيتي الفكرية الأساسية هي الإنسان وما يمارس ضده أو يمارسه هو بنفسه من تصنيفات كانت السبب دائما في شقائه وعذاباته. ما يجب أن أوضحه هنا أنني عندما يتعلق الأمر بالرواية أو بالمنتج الإبداعي لا أسمح لنفسي بالمناقشة أو الدفاع أو التبرير، القاعدة عندي إن لم تنجح الرواية أو القصيدة في تقديم نفسها للقارئ وضبط علاقتها معه فلا مجال لأي إيضاح أو نقاش. فقط أناقش ما يتعلق بالأفكار والتوجهات والقناعات، أما الذائقة فلا مجال للنقاش فيها، من لم تعجبه روايتي فهي سيئة بالنسبة لذائقته، ومن أعجبته فهي جيدة في حكم ذائقته. النقاش يخص الأفكار.
لـ"كيميا" تحديدا مع القراء حكايات تصلح خلفية لرواية جديدة؛ فأول رسالة وصلتني من قارئة قالت إنها رأت كيميا في غرفتها أكثر من مرة منذ أن بدأت في قراءة الرواية، واعتبرتُ ذلك وقتها خيال قارئة ذات مخيلة شفافة وحساسة. ثم كتب لي قارئ حكاية غريبة حدثت له أثناء قراءة الرواية.. وهي أنه كان يقرأ "كيميا" في المترو، فجاءته فتاة وحدثته بالفصحى وهي تمد يدها له بورقة مطوية، وقالت له، اترك الرواية واقرأ هذه الورقة.. فخاف الرجل وانتقل من مقعده، فذهبت خلفه وجلست إلى جواره وأصرت، فاضطر إلى ترك المترو. والقارئ نفسه يقول إن كيميا زارته في حلمه أو ما يشبه الحلم كما يحدث في الرواية.  وكتبت قارئة أنها خشيت من استكمال الرواية لأنها صارت تسمع صوت الفتاة وتتخيل مشهد الصوت الخارج من المقبرة .. ولكنها زارتها في الحلم وقالت لها استكملي القراءة لتتوقف الأصوات. هذه الحالة تكررت بين قراء وقارئات لدرجة دفعت أحد الزملاء الصحفيين -قرأ الرواية وحدث له أمر شبيه بما حدث مع القراء-  للتواصل معي ومناقشة الفكرة مقترحًا أن يقوم بعمل استطلاع لهذه الحالة لمعرفة إن كان تاريخ الأدب قد شهد روايات مرت بحالات شبيهة، متسائلًا بين الجد والمزاح: هل هو شبح كيميا أم لعنة الرومي؟



* ماذا بعد "كيميا"؟أنتظر صدور مسرحيتي "وِشّي في وشّك" قريبًا عن دار نشر مصرية، لتكون كتابي الرابع في فن المسرح الذي أعشقه، فقد صدر لي قبلها مسرحيات: "العصفور" الفائزة بجائزة الشارقة للإبداع العربي، و"72 ساعة عفو" الفائزة بجائزة ساويرس للإبداع المسرحي، و"مولانا المقدم".


مادة خاصة بمدونة "منشورات"

الاثنين، 9 سبتمبر 2019

(المؤلف يقدّم نصّه) رسول محمد رسول عن "فتنة الأسلاف" - مؤمنون بلا حدود

أيّة أهمية تكتسيها العودة إلى كانط من خلال هيدغر؟لا أعتقد أن قراءة فيلسوف ألماني كبير مثل مارتن هيدغر لسلفه إمانويل كانط عادية ولا عابرة؛ فمن المعروف أن التجربة الفلسفية لكانط هي تجربة ثرية ومؤثرة في تأريخ الفلسفة الحديثة برمتها ولا زالت هي مؤثرة في المشهد الفلسفي المعاصرة لكونها فلسفة حية نابضة العطاء، وهذا ما تنبّه إليه هيدغر فوقف عند شواطئ بحرها وانتقل إلى أعماقها فخاض الغمار المعمّق فيها بولع وشوق فصار المقروء (كانط) سلفاً ثرياً للقارئ (هيدغر)، وكانت قراءة الأخير للأول ثراء أضفى عطره في مشهدية القراءة الفلسفية خلال القرن العشرين، وتلك الأهمية أعتز بها كثيراً في منجزي القرائي والبحثي والكتابي، وأقدمها للقارئ العربي، خصوصاً أنها وقد لاقت استحسانه. 


بماذا تسفيد الثقافة العربية من فهم هذا اللقاء بين فيلسوفين ألمانيين كبيرين؟الأول التعرّف إلى فلسفة كانط، والثاني التعرّف إلى الكيفية التي يقرأ بها الفيلسوف المعاصر فلسفة أسلافه، والثالث التعرّف إلى طبيعة القراءة الفلسفية، والرابع التعرّف إلى طبيعة التواصل الفلسفي عندما يقرأ الخلف ذلك السلف. وهكذا مشهد هو إثراء للثقافة الفلسفية التي تتوسَّل المقارنة، والحري بنا - نحن العرب - أن نتمرّن على هكذا قراءات فلسفية، وأعتقد أن الطريق لا يزال طويلاً أمامنا - نحن العرب - لنفعل الأمر نفسه فيما بين مفكرينا وفلاسفتنا العرب، لا سيما أن لنا تجربة فريدة في تأريخنا الفلسفي وتلك هي مجريات قراءة ابن رشد لفلسفة أبي حامد الغزالي؛ فلم لا نكرّر الأمر؟  


صدر العمل ضمن "سلسلة التأويليات" التي أطلقتها مؤسسة مؤمنون بلا حدود، كيف تجد حال الكتابة ضمن التأويلية عربياً اليوم؟الكتابة التأويلية العربية رائعة ومنتشرة في غير حقل، لا سيما الحقل الأدبي والفني والجمالي، لكنها في الحقل الفلسفي تبدو شحيحة؛ ولذلك ولدت سلسلة التأويليات في الجانب الفلسفي، ويشرف عليها الفيلسوف التونسي محمد أبو هاشم محجوب، وهو رجل له منجزه في الدراسات والترجمات التأويلية، ويساعده آخرون في تونس، لا سيما الدكتور فتحي إنقزو، وأنا متفاءل بهذا المشروع رغم الصعاب التي تحيط به.


تضمّن عملك قراءة في ترجمة مصطلحات هايدغر، كيف تجد جهد المترجمين العرب في هذا الصدد، وفي إدماج المفاهيم الفلسفية الغربية في الثقافة العربية بشكل عام؟أرى أن جهودهم جيدة في خلال عقود القرن العشرين؛ إذ يوجد تنوّع، وقبله توجد إرادة في بناء المصطلح الفلسفي المترجم؛ بل توجد اجتهادات لا بأس بها، خصوصاً في خلال الخمس والعشرين سنة الماضية؛ حيث نشطت الترجمة في غير مكان بالوطن العربي، من داخله وخارجه، كما أن مراكز الترجمة تعدّدت في الوطن العربي خلال هذه السنوات، ومن المترجمين للنصوص الفلسفية الهيدغرية إلى لغة الضاد وهم الأوفياء للدرس الفلسفي عموماً من الذين اعتز بهم هم كل من: الدكتور فتحي المسكيني، والدكتور مشير باسيل، والدكتور محمد أبو هاشم محجوب، وقبلهم آخرين ممن اجتهد في ترجمة النص والمصطلح الهيدغري إلى العربية، وأقولها صراحة: لم يشهد المصطلح الفلسفي الهيدغري إقبالاً ثرياً على نقله إلى العربية مثلما وجدناه في خلال السنوات العشر الماضية.


رسول محمد رسول فيلسوف وناقد وروائي عراقي من موالدي الكوفة (1959). من مؤلفاته الفكرية: "الحضور والتمركز"، و"المعرفة النَّقدية"، و"العلامة .. الجسد.. الاختلاف.. تأمُّلات في فلسفة مارتن هيدغر"، و"ما الفيلسوف؟ إنسان التنوير ومفكِّر صباح الغد"، "كانط في ذاته.. دروب الفيلسوف في تعمير مفاهيمه"، و"مارتن هيدغر عربياً"، كما شارك في العديد من الكتب الجماعية. كما أصدر في الرواية "يحدث في بغداد" و"أنثى غجرية".

مادة خاصة بمدونة "منشورات"

الأحد، 8 سبتمبر 2019

(ناشر في الضوء) محمد البيتاوي: مع "الفاروق" ومعاييره

على الرغم من كونهم شركاء في إنجاز كل عمل إبداعي، إلا أن الناشرين كانوا دائما بعيداً عن بقعة الضوء التي يجلس فيها المؤلف وحده عادة. مدونة منشورات تدعوهم لحديث في الضوء


كيف أصبحت ناشراً؟يعود ذلك إلى رغبة أكيدة عندي بتطوير الثقافة العربية والعمل على مزيد انتشارها.

ماهي الخصوصية التي ترى أنها تميّز مؤسستك ضمن المشهد العربي؟أهم ما يميز "دار الفاروق" هو الصدق في التعامل مع الجميع بحيث لا يوجد عندي كبير أو صغير. المهم هو العمل الجيد بغضّ النظر عن صاحبه. ها أننا نجد بعض دور النشر لا تدقق نصوص كتّابها كما نرى كثيرا من الإسفاف والهبوط والركاكة والضحالة. على الأقل عندما توافق على نشر كتاب عليها أن تقوم بمراجعته لغويا وأن تنتبه إلى عناصر الترقيم على الأقل.

كيف تختار المؤلفين؟ وهل توجد فئة منهم تفضّل عدم التعامل معها؟
المؤلفون يأتون لعرض نتاجهم ولدينا لجنة ثقافية تقيّم كل عمل ثم نوافق على نشره أو لا نوافق، وفي حالة رفضه نوضح للكاتب أسباب الرفض حتى يتعلم منها أو يحطاط لها مستقبلا كتكرار الموضوع أو ضعفه أو سوء لغته. وأحياناً تكون هناك إشكاليتن على مستوى اختيار الموضوع، وأشير هنا إلى أننا لا ننشر أي مادة لإثارة الغرائز وما اكثرها في هذه الأيام.

هل تتابع ما يكتب عن كتب الدار في الصحافة العربية؟ وما هو تقييمك لهذه الكتابات؟أعتقد أن متابعة ما يكتب عما ينشر عن دار النشر لهو أمر ضروري.

ماذا تشعر حين يقرصن كتاب أصدرته الدار؟
القرصنة تمثل بالنسبة لي السرطان الذي سوف يوقع مهنة النشر في أخطر الوضعيات، بل لعله يودي بها إلى النهاية الأليمة.



مادة خاصة بمدونة "منشورات"

السبت، 7 سبتمبر 2019

(متساكن جديد في مدينة الكتب) "الأشكال الأولية للحياة الدينية" لـ إميل دوركهايم/ ترجمة رندة بعث

صدر عن سلسلة "ترجمان" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الأشكال الأولية للحياة الدينية: المنظومة الطوطمية في أستراليا، وهو ترجمة رندة بعث العربية للطبعة الخامسة من كتاب إميل دوركهايم المنشورة بالفرنسية Les Formes élémentaires de la vie religieuse – Le systeme totémique en Australie، والصادرة في باريس في عام 1968.
يطوّر دوركهايم في هذا الكتاب نظرية عامة عن الدين بتحليل المؤسسات الدينية البدائية الأبسط، ويجادل بأن الدين مجموعة من العقائد والعادات بينها علاقات متبادلة ومرتبطة بأشياء مقدسة، ويقترح تصورًا جديدًا للدين وللقوى الاجتماعية التي ينتجها.
يتألف الكتاب (608 صفحات بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من مقدمة وثمانية عشر فصلًا في ثلاثة أقسام وخاتمة. تضم المقدمة، وهي بعنوان "موضوع البحث: السوسيولوجيا الدينية ونظرية المعرفة"، موضوعي الكتاب، وهما: تحليلُ أبسط دين معروف بهدف تحديد الأشكال الأولية للحياة الدينية، ونشوءُ المفاهيم الأساسية في الفكر وأسباب الاعتقاد أن لها أصلًا دينيًا، ومن ثم أصلًا اجتماعيًا.
في القسم الأول من الكتاب، والذي جاء بعنوان "مسائل تمهيدية"، أربعة فصول. في الفصل الأول "تعريف الظاهرة الدينية والدين"، يبحث دوركهايم في الدين المعرّف بما فوق الطبيعي والغامض، ناقدًا مفهوم الغامض من حيث هو ليس بدائيًا، كما يبحث في الدين معرّفًا بموجب فكرة الله أو الكائن الروحي، والأديان التي لا إله فيها، والأديان الربانية والشعائر التي لا تتضمن فكرة ألوهية. كما يبحث في انقسام الأشياء إلى مقدّسة ودنيوية، والتمييز بين السحر والدين، وفكرة الكنيسة التي تستبعدها الأديان الفردية.
وفي الفصل الثاني، "التصورات الرئيسة في الدين الأولي"، يميز دوركهايم بين الأرواحية وعبادة الطبيعة، ناقدًا أطروحات الأرواحية الثلاث: نشوء فكرة النفس مميزًا بينها وبين الفكرة المزدوجة؛ تشكل فكرة الروح قائلًا إن الموت لا يفسر تحول النفس إلى روح؛ وتحوّل عبادة الأرواح إلى عبادة طبيعية. ويخلص إلى أن الأرواحية تختزل الدين إلى ألا يكون سوى منظومة هلوسات.
ويتابع دوركهايم في الفصل الثالث "التصورات الرئيسة في الدين الأولي (متابعة)"، بحثه في عبادة الطبيعة، عارضًا المذهب الطبيعي وفق ماكس مولر، متناولًا التمييز المزعوم بين الدين والميثولوجيا، والنزعة الطبيعية التي، بحسب رأيه، لا تفسر تمييز الأشياء إلى مقدسة ودنيوية.
ثم يقدّم في الفصل الرابع "الطوطمية بوصفها دينًا أوليًا"، تاريخًا موجزًا لمسألة الطوطمية، والحاجة إلى منهج سيتطرق من أجله، في الكتاب، إلى الطوطمية الأسترالية.
يضم القسم الثاني المعنون "العقائد الأولية"، تسعة فصول. يستكمل فيها المؤلف أبحاثه مفتتحًا القسم بالفصل الخامس بعنوان "العقائد الطوطمية المحض"، وفيه يبحث دوركهايم في الطوطم بوصفه اسمًا لعشيرة، وفي الطوطم بوصفه شعارًا، والرسوم الطوطمية المحفورة في الأشياء أو الموشومة في الأجساد، وينتهي إلى تناول الطابعَين؛ المقدس والاصطلاحي للشعار الطوطمي.
ويدرس دوركهايم في الفصل السادس "العقائد الطوطمية المحض (متابعة)"، الطابع المقدس للحيوانات الطوطمية، وهو، كما يرى، أقل وضوحًا من الطابع المقدس للشعار. كما يدرس قرابة الإنسان إلى الحيوان الطوطمي، والأساطير المختلفة التي تفسر هذه القرابة، قائلًا إن الطوطمية ليست عبادة الحيوانات.
ويستمر في الفصل السابع وبالعنوان ذاته "العقائد الطوطمية المحض (متابعة)"، متناولًا المنظومة الكونية للطوطمية ومفهوم الجنس، من تصنيف الأشياء في عشائر وأفخاذ وطبقات، مرورًا بنشوء النوع البشري، وانتهاءً بالمعنى الديني لهذا التصنيف.
وكذا الحال في الفصل الثامن "العقائد الطوطمية المحض (خاتمة)"، والذي يبحث فيه المؤلف في الطوطم الفردي بوصفه اسم علم له طابعه المقدّس، وبوصفه شعارًا شخصيًا، وفي الصلات بين الإنسان وطوطمه الفردي والطوطم الجماعي. كما يبحث في طواطم المجموعات الجنسية.
أما في الفصل التاسع الموسوم "أصول هذه المعتقدات"، فيعرض دوركهايم النظريات التي تنسب الطوطمية إلى دين سابق، والنظريات التي تنسب الطوطمية الجماعية إلى الطوطمية الفردية، ونظرية فريزر الحديثة أي الطوطمية المفاهيمية والمحلية، ونظرية لانغ القائلة إن الطوطم ليس سوى اسم، مستشفًا أن هذه النظريات كلها لا تفسر الطوطمية إلا من خلال مفاهيم دينية تسبقها.
يستمر دوركهايم في الفصل العاشر "أصول هذه المعتقدات (متابعة)"، متطرقًا إلى مفهوم القوة أو المبدأ الطوطمي من حيث كلية حضوره، وطابعيه الفيزيائي والمعنوي، ويقدّم تصوّرات في مجتمعات داخلية أخرى كالآلهة في ساموا، وواكان السيو، وأورندا الإيروكوا، والمانا في ميلانيزيا. كما يتناول الأسبقية المنطقية لمفهوم القوة غير الشخصية على الشخصيات الأسطورية المختلفة، فمفهوم القوة الدينية هو الأنموذج الأولي لمفهوم القوة عمومًا.
وفي الفصل الحادي عشر "أصول هذه المعتقدات (خاتمة)"، يبحث دوركهايم في نشوء مفهوم المبدأ الطوطمي، وفي الأسباب العامة التي تجعل المجتمع مستعدًا لإيقاظ الإحساس بالمقدّس والإلهي، والأسباب الخاصة بالمجتمعات الأسترالية. وبحسب وجهة نظره، ليس الدين نتاجًا للخشية، بل يعبّر عن شيء واقعي، ومثاليّته أساس، وهذه المثالية هي طابع عام للعقلية الجماعية.
أما في الفصل الثاني عشر "مفهوم النفس"، فيحلّل دوركهايم فكرة النفس في المجتمعات الأسترالية، دارسًا نشوء هذا المفهوم، وعقيدة التقمّص وفق سبنسر وغيلين والتي تقول إن النفس جزء من المبدأ الطوطمي، وعمومية عقيدة التقمّص من خلال حوادث تدعم الرواية. كما يحلل تضاد النفس والجسد.
لكنه يفسّر في الفصل الثالث عشر المعنون "مفهوم الأرواح والآلهة"، الفارق بين النفس والروح، ويقول إن نفوس الأسلاف الميثولوجية هي أرواح، لها وظائف محدّدة، متناولًا صلات الروح القديمة بالنفس الفردية والطوطم الفردي. كما يتناول أرواح السحر، وكبار الآلهة وصلتهم بمجمل المنظومة الطوطمية.
عنوان القسم الثالث هو "السلوكات الشعائرية الرئيسة"، وفيه خمسة فصول. تبدأ بالفصل الرابع عشر، وعنوانه "العبادة السلبية ووظائفها: الشعائر الزهدية"، وفيه يدرس دوركهايم منظومة التحريمات من ممنوعات سحرية ودينية، والأنماط الرئيسة لهذه التحريمات، والتزام التحريمات الذي يعدّل الوضع الديني عند الأفراد، والحالة التي تكون فيها هذه الفاعلية ظاهرة ظهورًا خاصًا، كالممارسات الزهدية. كما يفسر منظومة التحريمات من زاويتي التضاد بين المقدّس والدنيوي وسراية المقدّس.
ويتناول في الفصل الخامس عشر "العبادة الإيجابية"، عناصر التضحية في احتفالية الإنتيشيوما في قبائل وسط أستراليا، محللًا الزيارة الأولى إلى الأماكن المقدسة وبعثرة الرماد المقدّس وفصد الدم لضمان إعادة إنتاج النوع الطوطمي والاستهلاك الشعائري للنبات أو للحيوان الطوطمي والمناولة الغذائية. ويتكلم على السخف المزعوم للقرابين المقدّمة كأضاحٍ، وكيف تُفسّر من منظور اعتماد الكائنات المقدّسة على المؤمنين بها.
أما الفصل السادس عشر والذي يحمل العنوان ذاته "العبادة الإيجابية (متابعة)"، يتحدث دوركهايم عن شعائر المحاكاة ومبدأ السببية، وطبيعة الشعائر التكيفية التي تستند إلى مبدأ "الشبيه ينتج الشبيه"، متفحّصًا تفسير المدرسة الأنثروبولوجية لها. كما يتناول فكرة القوة غير الشخصية والقدرة ذات الأصل الاجتماعي.
يستمر دوركهايم في الفصل السابع عشر "العبادة الإيجابية (متابعة)"، ليبحث في الشعائر التمثيلية أو التذكارية المترافقة مع الفاعلية الفيزيائية، وصلاتها بالاحتفاليات الموصوفة، قائلًا إن الفعل الذي تنتجه هو كلّه معنوي. كما يبحث في الشعائر التمثيلية الخالية من الفاعلية الفيزيائية، والعنصر الترفيهي في الدين، ومفهوم العيد.
وبالوصول إلى الفصل الثامن عشر "الشعائر التكفيرية والتباس مفهوم المقدّس"، يعرّف دوركهايم الشعيرة التكفيرية، باحثًا في توصيف شعائر الحداد الإيجابية وتفسيرها، قائلًا إنها ليست تمظهرًا للمشاعر الخاصة، وفي سمة الشرّ المنسوبة إلى نفس الميت، محللًا الحالة الروحية التي تعيشها المجموعة وانتهاءَها بفعل الحداد، والتغيرات الموازية في أسلوب تصوّر روح الميت. كما يبحث في شكلي المقدّس، النقي وغير النقي، وتضادهما وقرابتهما، والتباس مفهوم المقدّس.
وفي "خاتمة" الكتاب يستنتج دوركهايم أن الدين يستند إلى تجربة متينة، لكنها ليست مفضلة، وأن النزاع بين الدين والعلم يتعلق بوظيفة الدين التأملية فحسب، وأن المعنى المجرد لا يلتبس مع الفكرة العامة، ويتميز بلاشخصيته وقابليته للعدوى، وأن له أصلًا جماعيًا.

المصدر: موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

الأحد، 1 سبتمبر 2019

(النص من يد مترجمه) أحمد سمير سعد عن "العقل والمادة" لإرفين شرودنغر

بداية، كيف تجد الاهتمام العربي بالفكر العلمي الحديث؟إلى الآن لا تزال كل الجهود العلمية العربية فردية، هذه الجهود لم تنقطع للحظة لكنها مع ذلك لم تشكل أبدا تيارا حقيقيا قادرا على إحداث التغيير. طوال الوقت أجد هناك من يحاول أن يصنع الفارق، البعض تبتلعه سبل الحياة والبعض يصيب قلبه اليأس والبعض يحالفه الحظ وتساعده الظروف. الأكيد أن الجهد المؤسسي في سبيل دعم تيار علمي حقيقي لا يزال غائبا، هناك محاولات مؤسسية تظهر بين الحين والآخر لا أنكر ذلك لكنها لم تحمل الرؤية الكافية أو الإرادة الفعلية وربما لم تصادف صانع قرار يعتبرها واحدة من أولوياته.

متى فكرت بترجمة هذا الكتاب لشرودنغر؟ ولماذا؟
من الصعب تحديد تاريخ محدد لكن الكتاب لفت نظري منذ بدأت في ترجمة كتاب شرودنغر (ما الحياة؟ الجانب الفيزيائي للخلية الحية) ذلك الكتاب الذي انتهيت منه وصدر عن مؤسسة هنداوي بالفعل، حيث أن آخر طبعة أصدرتها كامبريدج من كتاب (ما الحياة؟) كانت تضم كذلك كتاب (العقل والمادة) في نفس المغلف وعندما قرأته تملكتني رغبة شديدة في نقله للعربية وتحمست له جدا ولاقى هذا الحماس حماسا مماثلا من دار آفاق عندما عرضت عليهم الأمر. إن كان شرودنجر في كتاب ما الحياة قد كان يبحث عن سر الحياة مستعينا بعلم الفيزياء ففي كتابه العقل والمادة حاول البحث عن سر الوعي مستعينا بعلم الفيزياء كذلك.


كم استغرق منك وقتاً؟ وماهي أبرز العقبات التي واجهتها على مستوى المصطلحات خصوصاً؟
من الصعب تحديد الوقت الذي استغرقته الترجمة بشكل دقيق، هل نحتسب الوقت منذ اتخاذ القرار بالترجمة؟ هل نحتسبه منذ اللحظات الأولى لمحاولة التعرف على الجمل التي ستحمل صعوبة خاصة؟ هل نبدأ احتساب الوقت ابتداء بمحاولات جس النبض الأولى؟ لو تغاضينا عن كل تلك المراحل فسيكون الوقت الذي استغرقته ترجمتي للكتاب قصيرا نوعا ما، لا يتجاوز الثلاثة شهور لكن لو ضمناها فسيزيد الوقت كثيرا وسيتخطى العام أو ربما العامين.
يعتمد شرودنجر على الإطناب وعلى الجمل الطويلة المسترسلة وهي جملة تمثل صعوبة خاصة عند ترجمتها لأنها تقتضي الكثير من التقديم والتأخير وإعادة الترتيب من أجل أن تأتي الجملة سلسة سليمة في العربية لكن هذه الصعوبة الأسلوبية لم تواجهني في كتاب العقل والمادة بذات القدر الذي واجهتني به في كتاب ما الحياة؟ وربما يعود ذلك لازدياد خبرتي بأسلوب شرودنجر، على اعتبار أن هذا الكتاب هو الكتاب الثاني الذي أترجمه له أو ربما يعود لازدياد خبرتي في الترجمة بشكل عام بعد أن تخطت الكتب الأربعة.
بالتأكيد من الهام ضبط الاصطلاحات، كثير من الاصطلاحات تكون قد ترجمت بالفعل سابقا ويجب الانتباه لذلك والأخذ بتلك الترجمات التي رسخت لمقابل عربي معين للاصطلاح حتى لا يتشتت القراء وحتى يصبح المصطلح موحدا في العربية. لكن أحيانا ما يواجه المترجم مصطلح غير دارج أو جديد خاص بالمؤلف وهنا يقع على عاتقه محاولة ضبط ذلك الاصطلاح في العربية وهي مهمة ثقيلة للغاية وتستغرق الكثير من الوقت والجهد لرد الكلمات لأصولها ومحاولة النفاذ للجذور اللغوية والإتيان بأقرب وأصلح الكلمات المقابلة.

على سبيل المثال في هذا الكتاب واجهني اصطلاح objectivation  على وجه الخصوص والمقصود به إضفاء الصفة الموضوعية على أمر ما وتنحية كل ذاتية عنه، بالتأكيد يتطلب الأمر اجتهادا خاصا من أجل الخلوص إلى كلمة واحدة تؤدي هذا المعنى، في النهاية وبعد الكثير من البحث وجدت أن علي الاختيار بين التموضع والوضعنة والموضعة وقد ملت إلى استخدام كلمة الموضعة لتؤدي ذلك المعنى.


تخوض في منطقة قلما اتجه لها المترجمون العرب، هل يمثل ذلك عنصر قوة أم ضعف في عملك؟
لا يمكن اعتبار هذا مصدر قوة أو مصدر ضعف على نحو مطلق. هناك مزية نسبية بالطبع تتمثل في أن ما أترجمه عادة ما يلفت الانتباه، لكن نقص الترجمات يمثل كذلك صعوبة بعض الشيء لأنه يضعك كثيرا أمام مشكلات عليك البحث عن حلول لها دون الاسترشاد في كثير من الأحيان بآراء وتجارب من سبقوك على ذات الدرب.


ماهي مشاريعك الترجمية المقبلة؟
هناك العديد من المشاريع لكنها لم تتبلور بعد، لازلنا في مرحلة مخاطبة دور النشر الأجنبية من أجل شراء حقوق الترجمة لذلك لا أفضل حقيقة الحديث عن تلك المشاريع بشكل مفصل إلى أن تستحيل واقعا فعليا ملموسا.



مادة خاصة بمدونة "منشورات"

(شمعة منشورات) مصطفى الشيخ: القراءة إلى "آفاق" أوسع



من خلال إضاءة سريعة، تشعل مدونة "منشورات" شمعة لكاتب أو ناشر عربي في يوم عيد ميلاده، عسى أن يشاركه قرّاؤه ومحبّون لحظة في حياته الشخصية كما يشاركونه عوالمه التخييلية وانشغلاته واختياراته

"الإنسان ذلك المجهول" (ألكسيس كارليل)، "تاريخ الفكر العربي" (إسماعيل مظهر)، "الاعترافات" (جان جاك روسو)، الماركسية الجديدة (سلامة كيلة)، لماذا نقرأ الفلاسفة العرب" (علي بن مخلوف)، "ألف باء النسبية" (برتراند رسل)، "المقابسات" (أبو حيان التوحيدي)، "سلاح الفرسان" (إسحاق بابل)، "فصوص الحكم" (محيي الدين بن عربي)، "صحراء التتار" (دينو بوزاتي)، "عن الغضب" (سينيكا)، "مفهوم الأخلاق" (ولتر ستيس)، "العقل والمادة" (إرفين شودنغر)، رسائل إلى ميلينا (فرانتز كافكا).
من الصعب أن نعثر على خيط ناظم بين هذه الكتب المتباعدة في الأزمنة والأماكن واللغات، أو بين مؤلفيها (ومترجميها أيضاً) والأجناس الأدبية التي يكتبون من خلالها. لعلّ نقطة الالتقاء الوحيدة هي  الناشر المصري مصطفى الشيخ الذي حصر على أن تخرج كل هذه الكتب ضمن منشوات "آفاق". في عيد ميلاده لا يملك القارئ العربي إلا أن يعترف له بما قدّم للثقافة العربية.. والمسيرة مستمرّة مع مزيد من الاختيارات الجميلة.


مادة خاصة بمدوّنة "منشورات"

(المؤلف يقدّم نصّه) الطاهر أمين عن "المثقف النقدي.. درس إدوارد سعيد"

لماذا خصَّصْتَ هذا العمل لإدوارد سعيد بالذَّات؟
ضرُورة الوَفاء بدَيْنٍ لإدْوارد سعيد ظلَّ مُؤجَّلاً أرْبع سنواتٍ.  كان الفصْل الأخير من كتابي الرَّابع "الأفُق النَّقديّ الجديد" (صَدَر في تونس شهر سبتمبر 2014، وصدَر عن دار الحوار السُّوريَّة في شهْر جانفي 2017) يحْمِل عُنْوان "التَّفْكير في الغُمَّة" حيْثُ حَضَرَ إدوارد سعيد (وهشام شرابي وعبد الكبير الخطيبي وإلياس خُوري) بوصْفه مُقدِّمةً حقيقيَّةً لاسْتِكمال المشْرُوع النَّهْضويّ الذي وُلِدَ ناقِصًا سواءٌ في تجْربته الأولى أو الثَّانية. كان إدْوارد سعيد "آخر النَّهْضويّين" وِفْقَ توْصيف فوّاز طرابلسي (أحَد مُترْجِميه الكبار إلى العربيَّة، إذْ تَرْجم له ثلاثة كُتُب)، 

وكان "امْتِدادًا للمُثقّف التَّنْويريّ الذي أنْجَبه عصْرُ النَّهْضة الأورُوبّيّ، لا بمعْنى المضْمُون المعْرفيّ، بل بمعْنى الوظيفة، التي تُقْنِعُ المُثقّف بالتَّمَرُّد وتُمْلِي عليه أن يدْعُوَ غيْره إلى التَّمَرُّد أيْضًا"، كما قال فيصل درّاج سنة 2008 في مُحاضرته "إدوارد سعيد: المُثقّف، السِّياسة، السُّلطة". بهذا المعْنى، لم نعُدْ نمْلك سوى خِيَار مُواصلة واسْتِكْمال ما كان إدْوارد سعيد قد بَدَأه مُنذ أن كتَبَ مقالته الأولى بالعربيَّة "صُورة العربيّ" سنة 1968، أي مُنذ أن وعَى بشكْلٍ عَميقٍ دَرْس نكْبة 1967 (ألم يقُلْ: "لم أعُدْ الإنْسان ذاته بعد العام 1967"؟) إذْ لم تكُنْ حَرْب الأيَّام السِّتَّة جوان 67 مُجرَّد هزيمةٍ عسْكريَّةٍ مُخْزِيةٍ، بقدْر ما كانت إعْلانًا صارخًا عن انْهِيَار مرْحلةٍ تاريخيَّةٍ بأسْرها ارْتبطتْ بحُلم الانْبِعاث الحَضاريّ الذي شكَّلَ أسَاس مشْرُوع النَّهْضة العربيَّة، أو الحَداثة العربيَّة، أو اليَقَظَة العربيَّة.. إلى آخِر التَّسْميات. إنّ إضافة إدوارد سعيد العميقة هي أنّه نجَحَ في تعْميق وعْينا بعمليَّة التَّمْثيل التي قام بها الغرب لتبْرير اسْتِعْماره للشَّرق والسَّيْطرة عليه (قراءة الغرب لذاته، بمعْنى تفهُّم تجْربة العقْل الغربيّ)، طالما أنّ "المعْرفة الاسْتشْراقيَّة وظيفيَّة، بقَصْد وَعْي الهيْمنة". هذا العمل العظيم لكتابه "الاسْتشْراق" (1978) الذي كان مدِينًا لـ"صدْمة الحَرْب" (التي أعَادَتْه "إلى نُقْطة البداية، إلى الصِّراع على فلسطين"، كما قال في سيرته الذَّاتيَّة "خارج المكان: مُذكّرات"- 1998) يسْمح لنا بأن نُعيد اكْتشاف تاريخنا المحلِّي، من أجْل أن تسْتعيد الذَّات العربيَّة وعْيها التَّاريخيِّ بذاتها.
هذه المُقدِّمات التي أراها ضَرُوريَّةً تقُودُني إلى الإجابة عن سُؤالك ضمْن السِّيَاق الذي جرَى فيه اسْتِدْعَاء إدوارد سعيد تحْديدًا: كتابي الرَّابع "الأفُق النَّقديّ الجديد" كان بحْثًا عن أسْباب فَشَل مشْرُوع النَّهْضة العربيَّة الذي طُرِحَ مُنذ قرْنٍ ونصْفٍ تقْريبًا. قادَني البحْثُ إلى اكْتشاف أنّ المشْرُوع النَّهْضويِّ العربيِّ لم يكُن نقْديًّا، أي لم يكُن ذاتِيَّ النَّقد بسَبَبِ مُحاولته الجمْع بين النَّمُوذج التُّراثيِّ الماضَويِّ (الاتِّجاه السَّلفيِّ التَّقليديِّ) والنَّمُوذج الغربيِّ (الاتِّجاه التَّجْديديِ الحَداثيِّ)، وبسَبَبِ اكْتفائه برُدُود الأفْعال لمُواجهة التَّحدِّي الغربيِّ. هناك سبَبٌ آخر، وهو أنّ السُّلطة العربيَّة كانت قد نجَحَتْ في تدْمير الرُّوح النَّقْديَّة مُنذ لحْظتيْ علي عبد الرَّازق (الإسْلام وأصُول الحُكْم) وطه حسين (في الشِّعْر الجاهليِّ)، أي أنَّها لم تسْمحْ بأن ينْشَأَ هامِشٌ نقْديٌّ يطْرحُ أسْئلة السُّلطة والمُجْتمع والتَّاريخ الثَّقافيِّ. بهذا المعْنى، حضَرَ إدوارد سعيد بوصْفه دَرْسًا يُشدِّدُ على ربْط دَوْر المُثقّف بالوظيفة النَّقْديَّة، وهو دَرْسٌ يُعلِّمُنا الكثير عن معْنى الثَّقافة كمُمارسةٍ نقْديَّةٍ، وعن ضرُورة "نقْد الثَّقافة وعَدَم تقْديسها"، من أجْل أن تكُون قادِرةً على حمْل مشْرُوع التَّحرُّر الوطنيِّ. إنّ أهمِّيَّة دَرْسَ إدوارد سعيد تكْمُنُ في أنّه خاضَ حَرْب الثَّقافة العربيَّة الحقيقيَّة: الصِّراع على الحاضر التَّاريخيِّ داخل الإحْباطات الفلسطينيَّة والعربيَّة. النَّقْد هو حاجة الحاضر، أي "الكتابة في أرشيف الحاضر". النَّقْد ليس تَرَفًا، بل حاجة تاريخيَّة. إنَّه قراءةٌ، أي عمليَّةٌ تتأسَّسُ على التَّراكُم المعْرِفيِّ. إنَّه مُساءَلةٌ من داخل المعْرفة التي يجِبُ أن تُرَاكَمَ حوْل الوقائع للعالَم. لا يُمْكِنُ أن ينْطلِقَ النَّقْدُ من فرَاغٍ، بل من "الاعْتِراف بوُجُود العالَم الموْضُوعيِّ"؛ طالما أنّ كلَّ النُّصُوص دُنْيَويَّة أي تاريخيَّة. النَّقْد فعَاليَّةٌ إنْسانيَّةٌ: الإنْسانُ فاعِلٌ، وفعاليّتُه هي أرْضيَّةُ وُجُوده.


ما الذي تعْنيه بـ"دَرْس إدوارد سعيد" في العنوان؟

كلمة الدَّرْس، وهي مصْدر من الفِعْل دَرَسَ واضِحة الدَّلالة في اللُّغة العربيَّة: ما تكَرَّرتْ قراءتُه ليسْهُلَ حِفْظُه، ما نحْرِصُ على فهْمِه، ما نتعلَّمُ منه، ما نتَتَلْمذُ عليه. من معاني الكلمة أيْضًا: العِظَةُ والعِبْرة. والدِّراسةُ بمعْنى البحْث والتَّحْقيق. هذه التَّبْسيطيَّة التي تكْتفي بالاسْتِعْمال القامُوسيٍّ توْضيحيَّة لا غيْر. لاحظي أنّ صيغة "درْس إدوارد سعيد" هي عُنْوانٌ فرْعيٌّ؛ فالعُنْوان الرَّئيسيُّ هو "المُثقّف النَّقْديُّ" يطْرحُ مفْهُومًا لا يزال بحاجةٍ إلى جُهْدٍ تنْظيريٍّ كبير بوصْفه خَزَّانًا للتَّصوُّرات والأفْكار المُتعلِّقة بافْتِراضاتِنا عن المُثقّف: وظيفته، علاقته بالسُّلطة، مقُولة نهاية المُثقّف.. الخ، وهي مسائِل مُلْتبِسة جدًّا في ثقافتنا العربيّة، طالما أنّ خاصِّية الوُضُوح لا تكُون حاضِرةً في جميع المفاهيم، وهذا ليْس عَيْيًا في حدِّ ذاته. تعْرفين صُعُوبة تصْنيف إدوارد سعيد ضمْن خانةٍ مُحدَّدةٍ بسَبَب تعدُّد انْشِغالاته الفِكْريَّة وتنوُّع كتاباته، لذلك حاولْتُ أن أقدِّم أهمَّ وُجُوهه التي جَرَى حجْبُها داخل التَّلقِّي العربيّ المُصاب بأسْوأ الأمْراض: الانْتقائيَّة التي تجِد تبْريرها في الإحْساس بعُقْدة الغرب تحْديدًا. لقد دفَع إدوارد سعيد ثَمَن كتابه "الاسْتشْراق" الذي تمَّ توْظيفه من طرف الجميع في حُرُوبهم الخاسِرة. لم يكُن "الاسْتشْراق" أهمَّ كُتُبه. لديَّ قنَاعةٌ ثابتةٌ- بعْد مُعاشَرته حوالي سنةٍ كاملةٍ- بأنّ تبصُّراته وحُدُوساته المُتعلِّقة بالمُثقّف (مُحاضرات ريث 1993، التي تُرْجمَتْ إلى العربيَّة: "صُور المُثقّف"/ "تمْثيلات المُثقَّف"/ "الآلهة التي تفْشل دائمًا"/ "المُثقّف والسُّلطة") تظلُّ أعْمق دُرُوسه التي لم يعُدْ مُمْكِنًا أن تظلَّ ثقافتُنا العربيَّة خارجها. إنَّه دَرَسُ المُثقّف النَّقْديّ الذي حَكَم مُحاولة اسْتيعابي لفِكْر هذا "المُفكٍّر الكوْنيِّ المُحَلَّق خارج المكان"، كما وصَفَهُ صديقُه محمُود درويش.


كيف تجِدُ الكِتابات حوْل إدوارد سعيد في العربيَّة؟

أوَّلاً، لم تتِمَّ بعْد ترجمة أعْمال إدوارد سعيد بشكْلِ كاملٍ، فكتابه "مسْألة فلسطين" لا يزالُ مجْهُولاً لدى القارئ العربيِّ لأسْبابٍ خفيَّةٍ، وكذلك كتابه "بدايات: القصْد والمنْهج" (أطرُوحته للدُّكْتُوراه) ثانيًا، هناك فوْضى غريبةٌ تتعلَّقُ بالتّرْجمات التي بين أيْدينا اليوْم بسبب تعدُّد المُترْجمين: كمال أبو ديب الذي أسَاء كثيرًا بسَبَبِ ترْجمته المُعقَّدة لكتابيْ "الاسْتِشْراق" و"الثَّقافة والإمْبرياليَّة"/ ثائر ديب الذي ترْجم "تأمُّلات حوْل المنْفى ومقالات أخْرى"، بعْد أن فضَح مُغالطات ترْجمة كمال أبو ديب في مقالةٍ مُطوَّلةٍ وواسعة الاطِّلاع / صبحي حديدي الذي ترْجم "تعْقيبات على الاسْتِشْراق"/ هناك محمّد عناني الذي أعاد ترْجمة "الاسْتِشْراق" ، وترْجم أيْضًا "المُثقّف والسُّلطة"/ هناك أسعد الحسين الذي ترْجم مقالات إدوارد سعيد السِّياسيَّة تحت عُنْوانٍ مُضلِّلٍ "خيانة المُثقّفين: النُّصُوص الأخيرة"، وهي ترْجمة رديئةٌ/ هناك فوّاز طرابلسي الذي ترْجم "خارج المكان: مُذكّرات"، و"الأنْسنيَّة والنَّقْد الدِّيمُقْراطي"، و"عن الأسْلُوب المُتأخِّر: موسيقى وأدب عكْس التَّيَّار"؛ وهي ترْجماتٌ دقيقةٌ وعميقةٌ/ هناك حُسام خضور الذي ترْجم "الآلهة التي تفْشل دائمًا"/ هناك محمّد كرزون الذي ترْجم "تغْطية الإسْلام"/ هناك غسّان غُصْن الذي ترْجم "صُور المُثقّف"/ هناك عبد الكريم محْفُوض الذي ترْجم "العالم والنَّصُّ والنَّاقد".
المُفارقة هي أنّ الأعْمال الكاملة لإدوارد سعيد لم تصْدُرْ بعد، وهذا غيْر مُبرَّر على الإطْلاق رغم أنّه لا يزال يحْظى باهْتمامٍ كبيرٍ في الغرب. لا تزالُ التَّرْجمة عمَلاً فرْديًّا رغم وُجُود المُنظّمة العربيَّة للتَّرْجمة (بيروت)، والمشْرُوع القوْمي للتَّرْجمة (مصر)، ومشْرُوع كلمة (أبو ظبي)، والمركز الوطنيّ للتَّرْجمة (تونس).
 

هل أنّ هذا العمل جُزْء من مشروع كتاباتك السَّابقة أم يُحْدِث قطيعة معها؟
كتاب "المُثقّف النَّقْديّ: درْس إدوارد سعيد" هو امْتِدادٌ  لكتابي الرّابع "الأفُق النَّقْديّ الجديد" بوصْفه دَيْنًا كما أشرْتُ سابقًا. إنّه ينْدرِجُ ضِمْن الخطِّ الثَّابت: المسْألة النَّقْدية، أي أزْمة النَّقْد في ثقافتنا التي لم يعُدْ مُمْكِنًا تأجيلُها.



أيُّ صدى للكتاب بعد أشْهر قليلة من إصْداره؟

لا أعْرف تحْديدًا، فمسْألة نشْر كتابٍ ما مسْألةٌ مُعقَّدةٌ. أنا أكْتُبُ في صمْتٍ وأنْشُرُ في صمْتٍ. لم أعُدْ مُقْتنِعًا بجدْوى اللِّقاءات الفِكْريَّة مُنذ مُدَّةٍ طويلةٍ، طالما أنّ السَّاحة الثَّقافيَّة لا تهْتمُّ بإصْدارات الكُتَّاب بسَبَبِ الوضْع المأساويّ الذي تعيشُه دُور الثّقافة، وبسبَبِ بُؤْس المُؤسَّسة الثَّقافيَّة الرَّسْميَّة. هُناك أزْمة عميقةٌ تتعلَّق بنشْر الكتاب في تونس وبتوْزيعه داخل أزْمة القارئ. الكتابُ الفِكْريّ لا يمْلكُ قُرّاءه. هُناك أزْمةٌ أيْضًا في الإعْلام الثَّقافيّ بسَبَبِ جهْل غالبيَّة الصُّحفيّين بالكُتُب الصَّادرة (إنَّهم لا يقْرأون للأسف) وعَدَم قُدْرتهم على المُحاورة الجادَّة. الحقيقة، أنا لا أهْتمُّ بمصير كتابي طالما أنّني مُنْشغِلٌ بكتابٍ جديدٍ. سأكْتفي بآخِر عزاءات الكتابة: "لا يوجَدُ كتابٌ خارج قارئٍ ما".



تعُود إلى خيار النَّشر دُون المُرُور بدار نشْر، لماذا؟

لديَّ تجْربتان: الأولى في تونس حيْثُ نشرْتُ كتابيْن في دارَيْ نشْر تونسيَّتيْن (دار سحر ودار ورقة)، والثَّانية في سوريا مع داريْ نشْر (دار الحوار ودار دال). التَّجْربتان مُتشابهتان، إذْ لا فرْق بين النَّاشر التُّونسيّ والنَّاشر العربيّ: كلاهُما، في الغالب، تاجِرٌ ولصّ. ماذا تسْتطيعُ أن تقُولَ عندما تكْتشفُ أنّ ناشِرك التُّونسيّ لم يقُمْ بإيصال كتابك إلى مدينة صفاقس أو القيْروان؟ هل تتوقَّع أنّه جادٌّ في إيصاله إلى الجزائر أو بيروت؟ النَّاشرُون التُّونسيُّون ينْشُرُون كُتبَنا من أجْل بيْعها لوزارة الثَّقافة وللحُصُول على دعْم الورق رغْم أنّهُم لا يدْفعُون لك حُقُوق التّأليف. ماذا تسْتطيعُ أن تقُول عندما يُعْطيك أيّ ناشِرٍ عربيّ مئة نُسْخة من كتابك هي حُقُوق تأليفك كاملة مُقابل عَقْد مُدَّتُه ثلاث سنواتٍ كاملة؟ ماذا تفْعل بمئة نُسْخة: هل تُهْديها أم تحْتفظُ بها في مكتبتك؟ هل يُعْقَل أن تكُون مُحصَّلة تسْعة أشْهُر من العمل اليوْمي: مئة نُسْخة ورقيَّة لا تُكلِّف النَّاشر شيئًا؟ ليْس معْقُولاً أن يظَلَ الكاتب أسير لصٍّ وجاهِلٍ يدَّعي كذِبًا أنَّه أفْنى عُمْره في خدْمة الثَّقافة العربيَّة. وإلى أيْن يذْهبُ عُمْر الكُتّاب القصير جدًّا؟ يُؤْسِفُني أن أقُول هذا، ولكنَّها الحقيقة التي تفْضحُ جرائم النَّاشِرين العرب بحقِّ الثَّقافة العربيَّة. كيْف نُفسِّرُ هذا الوَلَع الغريب بالتَّرْجمة اليوْم؟ لا شيء سوى عقْليَّة الرِّبْح. فالتّرْجمة لا تعْكِسُ أيَّ همٍّ معْرِفيٍّ حقيقيِّ، ولا تتأسَّسُ على أيِّ طُمُوح نهْضويٍّ. اليوْم يجْري إغْراق سُوق الثّقافة العربيَّة بكمِّياتٍ مهُولةٍ من التَّرْجماتٍ المُتعجِّلةٍ وغير الدَّقيقةٍ للرِّوايات العالميَّة وللشِّعْر العالميّ يقُوم بها في مُعْظم الأحْيان شُعراء فاشِلون. إنّ شعار "وقديمًا ترْجَمُوا" يظَلُّ تضْليليًّا عندما لا يتأسَّسُ على معْرِفةٍ دقيقةٍ بالحاجة إلى ما يجِبُ ترْجمته وضِمْن مشْروعٍ ثقافيٍّ واضِح المعالِم.
في الصَّحْراء العربيَّة القاحِلة لا تسْتطيع الكتابةُ الفِكْريَّة خاصَّةُ أن تكُون مصْدر ثَرَاءٍ: عليْنا نحْن الكُتَّاب أن نُطلِّق هذا الوَهْم السَّخيف. عليْنا أن نجِدَ حُلُولا فرْديَّةً. هذا ما أقُومُ به مع كلِّ كتابٍ جديدٍ في ظِلِّ غياب سياسة نشْرٍ رسْميَّة، وفي ظِلِّ هيْمنة النَّاشِرين اللُّصُوص على سُوق وزارة الثّقافة المُسْتبَاحة التي لا تخْتلِفُ عن أيَّة سُوقٍ أخْرى تعُجُّ بالمُرابين والمُحْتكِرين.



مادة خاصة بمدونة "منشورات". حاروته: بثينة غريبي

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...