الاثنين، 3 فبراير 2020

(ضيف منشورات) زهية جويرو: الترجمة والدور التنويري لتونس

عُرفت الجامعية والباحثة التونسية زهية جويرو من خلال دراساتها ضمن الإسلاميات، وضمنها نشرت عدة مؤلفات مثل: "الإسلام الشعبي" (2007)، و"مؤسسة الإفتاء بين سياج المذهب وإكراهات التاريخ" (2014)، و"الوأد الجديد: مقالات في الفتوى وفقه النساء" (2019)، إضافة لعدة مقالات. مؤخراً، جرى تعيين جويرو على رأس "معهد تونس للترجمة". عن جميع هذه الانشغالات تحدّثت إلى مدونة "منشورات".



كتابك الأخير بعنوان "الوأد الجديد" صدر عن منشورات مسكلياني، لو تحدّثيننا عنه؟هو مجموعة من المقالات تدور حول ظاهرة ليست وليدة هذا العصر إنما هي ظاهرة قديمة، وهي توظيف الدين من أجل تثبيت السيطرة على النساء. كان غرضي في هذه المجموعة من المقالات أن أبين كيف تم توظيف الدين لإحكام السيطرة على النساء، ومن جهة خرى أن أبيّن أن هذه السيطرة وهذا الاستبداد لا يشرّعهما الدين في حد ذاته بقدر ما يشرّعهما الفهم البشري والاستخدام البشري للدين.

أليس هناك إشكاليات حين تكتب المرأة حول مسائل الدين؟ليس هناك صعوبات علمية أو معرفية خاصة يمكن الإشارة إليها، وهي صعوبات من طبيعة البحث. لكن الصعوبات الأهم متأتّية عن التلقي فكثير ما يواجه العمل المنشور في مجالات البحث في مسائل الدين بردود تكون في بعض الأحيان حادة وعنيفة لاعتبارين: الأول أن هذه الكتابات تعالج مواضيع لم يستوعب العقل الإسلامي بعد أنها مواضيع جدالية والآراء فيها مختلفة وأنها مواضيع قابلة لأن تناقش، ومصدر الصعوبة الثاني هو أن يكون البحث صادراً عن امرأة. أي ردة الفعل السلبية تجاه هذه الدراسات تكون مزدوجة عندما تكون من إنجاز عن نساء.

من خلال تجاربك السابقة، هل تعرضت لحالات من "عنف" التلقّي؟
أذكر أن أول كتاب نشرته كان بعنوان "الإسلام الشعبي" ضمن سلسلة أشرف عليها الأستاذ عبد المجيد الشرفي (سلسلة الإسلام واحداً ومتعدداً، عن در الطليعة في لبنان) وكان أوّل رد على هذه السلسلة خاصة بالمصادرة فظل هذا الكتاب مصادراً لمدة سنتين تقريبا ثم بعد ذلك أفرج عنه. 

هل من مشروع كتاب جديد تشتغلين عليه استعداداً لمعرض تونس الدولي للكتاب في شهر أفريل المقبل؟لست بصدد إعداد مشروع كتاب جديد، ولكنني أشتغل حاليا على مجموعة من المقالات هي حصيلة مشاركات في ندوات علمية وبعضها سيصدر في أعمال جماعية. هناك أيضاً عمل أشتغل عليه وهو يمثل حلماً رافقني منذ سنوات؛ كتاب يدور حول نقد العقل الفقهي.

بين التأليف وإدارة المعهد الوطني للترجمة وانشغالات علمية أخرى، كيف توازنين بين كل ذلك؟بكثير من الإرهاق. أبذل جهدا كبيراً للتوفيق. إلى حدود أكتوبر الماضي كنت بالأساس أستاذة جامعية وباحثة ثم توليت إدارة معهد تونس الترجمة وهي مسؤولية فيها أيضاً جانب علمي وليست مسؤولية إدارية فحسب. أعتقد أنه لا بد أن تكون هناك برامج حول الكتب المترجمة وأن يكون هناك مشروع فكري تتنزل في إطاره الأعمال المترجمة، دون أن ننسى أنه يوجد جانب إداري مرهق، كما أنني ما زلت ملتزمة في الجامعة مع الطلبة الذين أدرسهم والدروس التي التزمت بتدريسها. يصعب التوفيق بين كل ذلك، ولكن بما أن الجانب العلمي يغلب على هذه الأنشطة فذلك ما يخفف نوعاً ما من وطأتها.

ماهي التصوّرات والبرامج التي ننتظرها منك في معهد تونس للترجمة؟معهد تونس للترجمة عبرة عن جسر يصل بين الثقافات وهذا هو الأصل في وجود هذه المؤسسة. أعتقد أن لتونس دوراً مهما في الترجمة لعدة اعتبارات أولها أن تونس كانت ولازالت نقطة التقاء لثقافات عديدة وأنا أنزل دور معهد تونس الترجمة ضمن هذا الدور التاريخي الذي نهضت به تونس على مر التاريخ. الاعتبار الثاني يتعلق بأن تونس بحكم نظامها التعليمي وبحكم موقعها كانت دائما قادرة على أن تكون أحد أقطاب الترجمة في منطقتنا. التونسيون يتقنون أكثر من لغة وهذا ما يمكن أن يكون عاملا مساعدا على توفر كفاءات قادرة على أن تترجم بما ينفع الثقافة العربية التي تنتظر منا هذا الدور. من جنب آخر، أرى أن لتونس دور تنويري عليها أن تنهض به، وأعتقد أن الترجمة مهمة لكي تنهض تونس بدورها التنويري الذي بدأته في القرن التاسع عشر.


مادة خاصة بمدوّنة منشورات/ حاورتها: بثينة عبد العزيز غريبي

الاثنين، 20 يناير 2020

(حديث في النشر) مع حافظ بوجميل - دار نيرفانا، تونس

في شهر مارس المقبل، تحتفل دار نيرفانا للنشر بذكرى إنشائها العشرين، واستعدادا لهذه المناسبة تصدر العديد من العناوين المهمة، وعلى هذه الخلفية جمعنا لقاء بمديرها وباعثها حافظ بوجميل.
1. لو تعطينا نبذة عن دار النشر نيرفانا؟
هي دار متخصصة بالأساس في كل ما هو بحوث ودراسات في الإنسانيات، خاصة أنه بعد الثورة أصبح مسموحا بنشر عناوين كانت ممنوعة في السابق. نحن متخصصون أكثر في ما هو تاريخ وتراث تونسي وفي الكتاب الفني أيضاً. وعندنا حوالي 40 عنوان في مجالات الأركيولوجيا، وفي التاريخ، وفي الفن التشكيلي، وفي التراث اللامادي.
2. كيف بدأت حكايتك مع مجال النشر؟
تجربتي الأولى كانت في مجال الصحافة، وتكويني أنغلوفوني . بدأت كمترجم في مجلة تصدر في العالم العربي باللغة الإنغليزية وكنت أترجم من اللغة الانغليزية إلى العربية. ومن بعد أصبحت مسؤولاً عن النشر في المجلة، ثم أنشأت مؤسسة أولى لمدة أربع سنوات ضمن شراكة، وبعدها أسست مشروعي "نيرفانا".



3. تعتبر ناشرا شاهدا على جزء كبير من تاريخ النشر المستقل في تونس، أي فترة تعتبرها الأفضل في تاريخ الكتاب التونسي؟ بالتأكيد هي فترة ما بعد الثورة التي فتحت الباب مجددا للناشرين كي يصدروا ما يحبون نشره. مثلا أنا بعد الثورة نشرت ثلاث مجلات: مجلة الفكر الحر، والثانية مجلة موجهة للشباب الهدف منها كيف جذب الشباب إلى الثقافة بعد أن غزتهم التكنولوجيات الحديثة وكان مشروعا جيدا ولكنه لم يجد الدعم المناسب للمواصلة والآن نحن بصدد الاشتغال على المشروع الثالث (يضحك) يبدو أننا لم نتب من فشل المشاريع السابقة.

4. ماهو المشروع الثالث؟
Revue tunisienne de sciences politique أول مجلة في تونس تتحدث عن العلوم السياسية وأصدرنا الآن عددين وهي تصدر مرتين في السنة واللجنة العلمية من تونس وجنوب إفريقيا وفرنسا ورئيس تحريرها هو أستاذ العلوم السياسية في جامعة تونس حاتم مراد، وفي اللجنة الموسعة حمادي الرديسي ورجاء بن سلامة. ومن أعضاء فريقها التحريري باحثون من ألمانيا وإيطاليا.
5. تشتغلون كثيرا على التاريخ التونسي رغم صعوبة البحوث وحساسيتها؟
أعتقد بأن تاريخ تونس الحديث منبع ثري. توجد مواضيع كثيرة قابلة للطرح، ومن المهم أن تعمل دار نشر على هذا الجانب وتساهم في نقل موروثنا الشعبي. نشرنا كتاباً عن البخور وما يحمله من أبعاد في الموروث الشعبي. إنها هذه تفصيلة صغيرة من عالم كبير ثري جدا. كما قمنا بإصدار كتب عن شخصيات تاريخية كأحمد بن صالح والحبيب بورقيبة...
6. بسبب الصعوبات التي يشهدها القطاع، هل حصل وفكرت في الابتعاد عن النشر؟
النشر صعب وأذكر أنني في بداياتي أسست شركة اتصال بالتوازي مع النشر لتغطية بعض المصاريف. الصعوبات جعلتني أتمسك بالنشر واليوم نحن من أهم دور النشر في تونس.
7. شاركت "نيرفانا" منذ فترة قصيرة في معرض الكتاب التونسي، ماهو تقييمكم لمشاركتكم في الدورة الثانية؟
تغيير الموعد أحدث إرباكا. كان المعرض يقام في شهر أكتوبر وتنظيمه في شهر ديسمبر وخلال عطلة مدرسية لم يكن له النتائج المرجوة على مستوى المبيعات.
8. ماهي استعداداتكم لمعرض تونس الدولي للكتاب في شهر أفريل المقبل؟
بصدد تحضير عناوين ستخلق فارقا في مجال النشر ومنها المفاجئ.

مادة خاصة بمدونة "منشورات"/ حاورته: بثينة عبد العزيز غريبي


الأحد، 29 ديسمبر 2019

(ضيف منشورات) حسنين بن عمو: زمن الرواية التاريخية في تونس

أولا هنيئا بالجائزة التي حصلت عليها منذ أيام ضمن فعاليات معرض الكتاب التونسي. ما وقع هذه الجائزة ضمن تجربة طويلة مع الكتابة ؟
أجد أن هذه الجائزة ذات أهمية وهي عبارة عن تتويج لتجربة أربعين سنة من العمل على الرواية التاريخية ومن المعلوم أنه ليس من السهل إصدار كتب تاريخية. يجب ن تكون مستعدا لها استعداد كبيرا فالبحث التاريخي يتطلب وقتاً وصبرا وإمكانيات، ثم بعد ذلك الجمع بين الكتابة الدرامية والأحداث التاريخية. رواية "باب العلوج" انطلقت من سؤال ذات جولة حيث راودني السؤال لم سمي هذا الباب بـ باب العلوج؟ ومن هنا بدأت في البحث عن الجزئيات التاريخية وفي كل مرة أحاول التعمق أكثر إلى ان استهوتني المغامرة، وتتالت من بعد ذلك التجارب والروايات التاريخية.


بعد مرور سنوات طويلة على إصدار روايات "باب العلوج" و"رحمانة" و"باب الفلة" أعدت طباعة هذه الكتب. لم اخترت هذا التوقيت لتعود النشر؟
سابقا كنت أقوم بالطباعة على حسابي الخاص ولكن فيما بعد وجدت أن الأمر مرهق فلا يمكن أن أكون الكاتب والناشر في ذات الوقت رغم أن المسالة مربحة. وهنا وجدت كامل الترحاب من دار نقوش عربية. بالنسبة لرواية "عام الفزوع" وهي آخر ما كتبت فقد جاءت بعد أن اتصل بي كل من المنتج السينمائي نجيب عياد والمخرج شوقي الماجري وطلبا مني الكتابة عن ثورة علي بن غذاهم ولكني وجدت أن العمل يتطلب مجهودا ضخما فقررت أن أكتب من منظوري وكما أريد أن أفهم التاريخ.


كيف تجد تلقي القراء لأعمالك؟جيد جدا. عندما أقول جيد جدا فإنني أعني ما أقوله. يمكن قياس ذلك من خلال المبيعات ونسبة الإقبال على حفلات التوقيع. وفي النهاية لابد للتاريخ أن يصل لكل الأجيال. من سوء الحظ أنه لم يكن موضوعا في المقام الذي يجب أن يكون عليه في تونس والتي أعتقد أنه فيها شغفاً كبيرا بالرواية التاريخية.


كيف ترى واقع الرواية التاريخية في تونس؟للأسف، أرى نفسي اليوم وحيدا في كتابة الرواية التاريخية في تونس.


ماهي مشاريعك القادمة؟بصدد وضع آخر اللمسات على عمل حول الموريسكيين، وأبحث له عن غلاف جيد. 


مادة خاصة بمدونة "منشورات"/ حاورته: بثينة عبد العزيز غريبي



الخميس، 19 ديسمبر 2019

(ضيف منشورات) سنية مدوري: الشعر والنشر يلتقيان في "الفردوس"




1. كيف هي علاقتك بالناشرين؟بداية، شكرا لكم على اللفتة الكريمة. أنا مازلت في بداية المشوار من حيث النشر وعلاقتي بالناشرين حقيقة بدأت وأنا شاعرة قبل أن أكون مديرة دار نشر منذ أول كتاب نشرته سنة 2014. علاقة هي في العموم طيبة وكما تعلمين أغلب أصحاب دور النشر هم في الأصل أدباء لذلك تجدين العلاقة بينهم تسمو عن كونها سوق شغل ومنافسة بالمعنى التجاري للكلمة لتسمو إلى علاقة عائلة بعضها ببعض. لا أنكر أنني في بداية تأسيس دار الفردوس للنشر والتوزيع استعنت بخبرة الأصدقاء الذين سبقوني في الميدان ولم يبخلوا عليّ بالنصائح والمعلومات وأذكر منهم الصديق شوقي العنيزي صاحب دار مسكلياني للنشر والصديقة فاطمة بن فضيلة صاحبة دار وشمة للنشر كذلك الصديقة الشاعرة المغربية ليلى ناسيمي عن نفس الدار. أنا حتى الآن لم أجد من أصحاب دور النشر سوى النصيحة والمحبة المتبادلة. أرجو أن تكون دائما كذلك في قادم الأيام. فنحن في النهاية نؤسس لنفس الهدف وهو السمو بالإبداع ومساعدة الكتاب الحقيقيين على الانتشار داخل تونس وخارجها.

2. بشكل عام، كيف تجدين علاقة دور النشر بالشعر؟كما أخبرتك منذ قليل أن أغلب أصحاب دور النشر أدباء يعني شعراء وروائيين ونقاد لذلك تجدين علاقتهم بالأدب وطيدة خاصة الشعر لأنه الحقل الأدبي الأكثر اعتناقا للإحساس والتعبير عن الذات. فهم يسعون إلى نشره وحتى إلى البحث عمن يترجم أعمال بعض الشعراء المتميزين لنشرها هي الأخرى.

3


. ماهي أكثر دور النشر التي تلفتك في العالم العربي، ولماذا؟
هناك عدة دور نشر في تونس والعالم العربي نحتت اسما لها ونجحت في استقطاب القراء عبر جودة أعمالها من حيث نوعية الطباعة وانتقائها للأعمال الجيدة ثم والأهم البحث عن طرق للتوزيع والتعريف بالكتاب. أذكر على سبيل المثال دار الآداب ببيروت ودار المعارف المصرية وعندنا في تونس دار مسكلياني التي اكتسحت الوطن العربي بجودة أعمالها وانتهاجها مسارا ناجحا وهو ترجمة الأدب العالمي.


4. هل تعتبرين أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت في إيصال صوت الشعراء أم العكس؟ما من شك أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت على إيصال صوت الشعراء عبر العالم. أصبح للشعراء مجال شاسع للتعريف بأنفسهم وبمنتجاتهم الشعرية حتى قبل أن ينشروها. رغم السلبيات التي ولدتها وسائل التواصل الاجتماعي من تكريس سوء استعمالها لغرضها الذي جاءت من أجله إلا أنها تبقى صاحبة فضل كبير في تكوين شبكة علاقات متينة بين الأدباء من كافة أنحاء العالم.

5. حين تحضرين إلى معارض الكتب العربية، ماهي أبرز الفعاليات التي تثير اهتمامك؟حضرت مرات عديدة معارض الكتب داخل تونس وخارجها. وأبرز ما يلفت انتباهي تلك الأنشطة الثقافية التي تكون بالتوازي مع المعرض. أي لا يكتفي الزائر باقتناء الكتب بل يلتقي مباشرة بأصحابها في حفلات توقيع ويلتقي أيضا بالمثقفين والأدباء ويستطيع أن يكوّن علاقات ثقافية فاعلة. الكتب نجدها في كل مكان ولكن الإضافة في المعارض تكون تلك الفسحة الروحية للقاء المباشر بين الكاتب والقارئ.

6. ماهي مشاريعك الإبداعية القادمة؟أنا الآن أعمل على إعداد مجموعة من الكتب لعدة أدباء من تونس وخارج تونس، فيها الذي تم نشره وفيها كتب تنتظر دورها في المطبعة وذلك للمشاركة في فعاليات المعرض الدولي للكتاب هذه السنة 2020. كما أنني سأنشر كتابي خلال أيام وأرجو أن ينال حظه في القراءة والنقد والجوائز.


مادة خاصة بمدونة منشورات/ حاورتها: بثينة عبد العزيز غريبي

(المؤلف يقدّم نصّه) الزهرة إبراهيم عن "أهازيج إبراهيم الحَمَوِيّ".. إضاءات على واقع النشر العربي




1. كيف تقدّمين "أهازيج إبراهيم الحَمَويّ" للقارئ؟هذا النص الدرامي عودة إلى سفينة التاريخ العربي لفحص ثقوبها ووضع اليد على مسارب الماء التي تمعن في إغراق الإنسان العربي بالسقطات. تاريخ ينتج الهزائم بلا توقف، ويحن إلى مأساة بغداد ودمشق وغرناطة. هكذا شكلت النص عبر ثلاثة مواويل وسبعة أنغام:
1-     نغم السؤال عبارة عن استهلال؛
2-     موال بغداد: نغم الشعر ونغم العزاء؛
3-     موال غرناطة: نغم الغواية ونغم الجزر؛
4-     موال دمشق: نغم أَزادي ونغم الخلود.
سألني صديق قارئ يكتب للمسرح: هل حصل تحويله إلى عرض مسرحي؟ ضحكت، قلت: ليس بعد... قال: ولِمَ؟ أجبت: حين يجد مخرجا قادرا على تسديد نظرة جريئة إلى عيون الأنظمة العربية...


2. متى كتب النص وما دوافعه؟
النص وكغيره من نصوص سردية وشعرية بدأتْ كتابتها في لا وعيي منذ صرت أعي فساد العالم الذي وُجِدتُ فيه دون إذني. لكن، حين يتوفر الشرط التاريخي للتعبير عن مقصدياتي حول قضية ما، فإن حروفي سرعان ما تنطُّ إلى بياض الورقة بكل حرية وصدق وترقص رقصتها المناوِئة... ولعل ارتجاج الخرائط في العالم العربي منذ نهاية 2010 كان مثيرا قويا ليقطر الحبر وبعده الحبر... قد يتوقف أحيانا، لكنه مرابط في قلاع الكتابة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.  "أهازيج إبراهيم الحموي" هي الكتابة العزاء والكتابة البديل في واقع الاستسلام العربي. زواج أرثدوكسي مع الفن الملتزم حين يفتح صدره عاليا لرصاص الأنظمة. اجتمعت في هذا النص مناحة لم يخفت بعد نشيجها.. سال الحبر بعد أن دُقَّت أصابع الكاريكاتوريست علي فرزات، وحين اقتلع النظام السوري حنجرة منشد الثورة إبراهيم قاشوش وألقوا جثته في نهر العاصي... هل توجد همجية أكثر من هذا في حق الفن والفنانين حين يثورون من أجل كرامة الإنسان وحقه في الحرية والعدالة والعالم يعيش في زمن آخر فصم عراه بالاستعباد التقليدي وعبادة أوثان السلطة... وهل يوجد سبب أكبر من هذا لامتطاء صهوة الكتابة الجامحة ضدا عن الكتابة المروَّضة.



3. في تدوينة لك على فيسبوك، أشرت في تقديم هذا الكتاب الجديد إلى إقصاء ممنهج من طرف الناشر؟يرتبط الأمر بواقع النشر في الوطن العربي عموما. بداية من دور النشر المغربية التي تضظرّنا نحو وجهات قد تكون مأمونة أحيانا، ومُريبة أحيان أخرى. لقد عانى ويعاني معظم المؤلفين والكتاب من مشاكل النشر والتوزيع بسبب جشع دور النشر، أولا، حيث إنها تتحجج دوما، بارتفاع سعر الورق في السوق العالمية، وكذا تزايد الضرائب، وكساد القراءة، وثانيا، لأن الاعتمادات المخصصة لنشر الكتاب من لدن الجهات الوصية عليه، لا تلبي، حاليا، مجموع الطلبات، يضاف إلى المشهد انتشار المحسوبية والعلاقات في هذه العملية. ويؤسفني أن يتورط في هذا الفعل أكاديميون وجامعيون تحولوا، بين عشية وضحاها، من ضحايا النشر ومتذمرين من شروطه المجحفة في حق الكتَّاب، إلى أباطرة يصولون ويجولون، ويبحثون في كل ربع ووادي عن نهزة لا ترحم جيوب المبتدئين ولا المكرسين، اللهم إلا إذا كانوا من دائرة المقربين، فروح وريحان وجنات نعيم، فلا تظل أعمالهم في طوابير الانتظار كما حصل للمسرحيتين السيزيفيتين (نسبة إلى سيزيف) مع دار نشر مغربية بعد رحلتهما التعيسة الأولى في دار الجندي للنشر، ونفس الأمر حدث لديواني الشعري الموجه للصغار "معبدُ الفَراش تقاسيم للوطن وللأطفال" في طبعة ثانية مفترضة مع دار نشر مغربية، نفسها. يحدث هذا طبعا، مع وجود بعض الاستثناءات التي استطاعت أن تطبق نموذج العقود المتعامل بها في الدول الراقية في هذا الباب، وانطلاقا من تجربتي، كما هو الحال بالنسبة إلى "دائرة الثقافة والإعلام" بالشارقة، و"دار المتوسط" بميلانو؛ لكن الوضع شبه العام داخل العالم العربي ما زال يتخبط في كثير من الفوضى واستغلال أصحاب الحقوق، حتى صرنا، على سبيل العد لا الحصر، نتداول في نقاشنا "حكاية الألف نسخة التي لا تنتهي" ونضحك بمرارة.
وهي أفظع طريقة لانتهاز الكاتب حيث لا يستفيد -إن كان هناك استفادة فعلية أصلا- سوى مرة واحدة. هنا نطرح سؤالا جوهريا: هل تملك الجهات المعنية بنشر الكتاب في العالم العربي آليات مراقبة الناشرين لضبط هذا الغش والاستغلال البشع لأصحاب الأقلام؟ أما عن حكايات الناشرين الذين يسرقوننا تحت مسمى "تقديم الدفعة الأولى من تكلفة الطبع" ثم لا يعودون إلى المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء، فتلك حكاية عاشها كثير منا بمرويات مختلفة. حدث لي هذا منذ 2015 حين قصدت مدير دار الجندي للنشر بالقدس، كي ينشر لي نصين مسرحيين صعدا إلى القائمة القصيرة في مسابقة التأليف المسرحي سنة 2014؛ الأول للصغار بعنوان "قناديل البَرِّ المُطفأة"، والثاني للكبار بعنوان "أهازيج إبراهيم الحمويّ". وكان علي انتظار ثلاث سنوات من التسويف والكذب والتمطيط والتهرب... لأكتشف أن هذا الناشر له سمعة غير مريحة، وأنه يوظف القضية الفلسطينية لتحقيق مآرب شخصية خلال معارض الكتاب العالم العربي، أقلها الحصول على رواق مجانا يروج فيه رواياته وهو يعلق راية الأرض المباركة ليبتز شعور العرب والمغاربة تعاطفا معه... وفي معرض 2018، يعود إلي بثلاثين كتابا بئيسا، سحبه في ورّاقة خلال تواجده بمعرض القاهرة للكتاب يومين قبل التحاقه بمعرض الدار البيضاء، وهذا (الكتاب) ليس أكثر من رزمات أوراق منسوخة بالطابعة العادية، كتلك الموجودة في بيتي، وبغلاف شوَّه فيه اختياري لوحة أمضيت أياما لانتقائها من مواقع الفن التشكيلي. كل هذا يحدث للكتاب والمبدعين لأننا نعيش داخل أنظمة يأكل فيها القوي الضعيف بلا رقيب ولا حسيب. ولأنني لا أُهْزَمُ، ولا أركعُ، ولا أساوم... قررت أن أطبع المسرحيتين، منفصلتين هذه المرة، على نفقتي الخاصة، وبالإخراج الذي يروقني. والحمد لله توفقت في ذلك.

4. إذن فإن خيار النشر على الحساب الخاص أقرب إلى موقف من منظومة النشر العربية والمغربية.
أعتبره فعلا ثوريا، ومستوى من النضال المشروع والواجب حتى يحيا المسرح فينا ونحيا به. ولن أنحني لأعاصير الإقصاء، فعشق الكتابة والمسرح أكبر عندي وأفضل من عشق المبالغ المالية التي يقتضيها النشر على نفقة المؤلف، وهذا هو الفرق بين رُسُل الكتابة وأنبيائها وبين لصوص الحروف وسماسرتها.


5. تراوحين في هذ العمل بين النثر والشعر. كيف كانت هذه المزاوجة؟
تراوح القصيدة مكانها بين حوارات المواويل، وكلما امتلك الشعر حيزا معتبرا داخل النص الدرامي كلما عدنا بالمسرح إلى منابعه البكر. صدقا، لا يسعفني النثر كثيرا في كتابة ردود أفعالي حول القضايا التي تخلخل وجود البشر الآمنين، الكتابة بالنسبة إلي، بعد الصدمة، هي بحث عن إعادة توازن لذاتي وللأشياء والعالم حولي، ولا أكتب أبدا قصيدة أو قصة أو نصا دراميا إذا لم يكن متدفقا من جوانيتي ومن مادتي الرمادية بكل ما يتطلب التوليف بينهما من مفاوضات وتواؤمات. لقد وجدت مأساة بغداد وغرناطة ودمشق، ماضيا وحاضرا، أكبر من أن تستوعبها حوارات النثر، ومن غير أن أرهن حروفي إلى خط واحد من الكتابة، وجدتني مسكونة بوجيب الشعر، ورعشة الاستعارات الفاتنة لأحكي قرونا من المآسي في مقاطع شعرية، هي في الوقت ذاته، حوارات بين شخوص المسرحية: "غصن البان" و"شهاب الشاعر"، يقول في بعض حواراته:
يا أيتامَ سُومرَ الحَيارى
لا تَمُزُّوا تلكُم الأنْخاب
سُمٌّ في بطونكم ولائمُ بغداد
سُلافُ فُراتها رُعاف
وكأسُ دجلةَ زُعاف
وضفافُها الفيحاءُ ما عادتْ تَلمُّ الأحباب
تَئِنُّ التَّواشيحُ في عرسِك الدَّمويّ
فسَفَّاحوكِ تَبَّلوا لحمَكِ للكلاب
رَفَعوا للهَمَجِ ساقيكِ طوْعا
وتبادلوا العزاءَ فيكِ يا بغداد...
وبين "ما لم يُنْشَر في حلم" و"فينوس"، تقول:
سآتي إليكَ... طبقُ حنَّاءٍ في يَدِي
أعْبرُ إلى الساحات... إلى أقبيةِ دِرْعا
أتعثَّرُ بين شِلْوٍ وشِلْو
تَستعْطِفُني عيونُ الموْتى
أُغلِقُ جفونَهم.. فالنملُ يَقتاتُ المآقي
أمرقُ إلى حُمْصَ ليلاً... نقيمُ صلاةَ الغائب
ثمَّ نَمضي...


6. تراوحين أيضاً بين النقد والتأليف، كيف يفيد أحدهما الآخر؟
أجدها تجربة ذات قيمة نوعية في الفعل الإبداعي، لأنه يصبح نوعا من الممارسة العالمة، من جهة، وفي البحث الأكاديمي والنقد، من جهة ثانية، لأنه يهيء شروطا موضوعية للتجريب في الكتابة، كما يبلور، هذا التجاذب بين النقد والإبداع، منظورات التلقي، ويوسِّع دوائر مطاردة المعنى أو اللامعنى في مجموع الكتابات التي تخص عوالم المسرح. وتظل هذه التجربة ورشا مفتوحا على الاستقصاء وجسر أسئلة المسرح وقضاياه وانتظاراته بمختلف الحقول المعرفية التي يثرى بها ويُثْريها. إن رهاني الثقافي يكبر  في حضنهما يوما بعد آخر.

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019

(حديث في النشر) مع سعيد عبده – دار المعارف/ مصر

تعود صناعة نشر في العالم العربي إلى منتصف القرن التاسع عشر، غير أن مؤسسات قليلة للغاية استمرت إلى يومنا هذ، ومنها "دار المعارف" التي تأسست في 1890 ولا تزال تقدّم للقارئ العربي أعمل أساسية. "منشورات" التقا برئيس مجلس إدارتها الحالي، سعيد عبده، والذي هو أيضاً رئيس اتحاد الناشرين المصريين ورئيس اتحاد الموزعين العرب.

1. كمشرف على دار عريقة كدار المعارف يمتد تاريخها على أكثر من قرن، كيف تديرون هذا الرأسمال الرمزي؟
دار المعارف من أعرق المؤسسات على مستوى العالم العربي في عالم النشر ..أنشاها نبيل وشفيق متري في نهاية القرن التاسع عشر وتأممت سنة 1960 مع تأميم الصحافة وبعد ذلك أصدرت مجلة أكتوبر سنة 1976 وأًصبحت إحدى المؤسسات الصحفية التابعة للمجلس الأعلى للصحافة والتي هي الآن الهيئة الوطنية للصحافة . أنا أشغل منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار المعارف ومجلة أكتوبر منذ سنة 2015.

2. نشرت الدار مؤلفات أساسية في الثقافة العربية أهمها كتب طه حسين وسلامة موسى ودواوين الشعر العربي القديم. هل هناك خطط لإعادة نشر هذه الأعمال بانتظام، وأي اقبال عليها مع مرور أكثر من نصف قرن على طبعاتها الأولى؟
على مدار الـ130 سنة من عمرها، نشرت الدار العديد من المؤلفات لطه حسين والعقاد وعبد الحليم محمود والشعراوي ومصطفى محمود وشوقي ضيف وعلي الجارم وكامل الكيلاني في الأطفال ونشرنا لسان العرب، ومجلة الكتاب صدرت لمدة سنتين في الخمسينات وكان رئيس تحريرها عادل الغضبان .. من بين المنشورات التي تميزنا بها أيضا هي مجلة السندباد أول مجلة للطفل العربي على مستوى العالم العربي ودام إصدارها لمدة أربع سنوات ونحن الآن نحاول تجديدها لانها لفتت الانتباه العالمي وعرفت انتشارا واسعا في سويسرا وفرنسا ومصر وكان يشرف عليها الفنان بكار.. دار المعارف لم تكن محلية وانما عربية من النشأة وممكن تنشر لمؤلف من تونس أو المغرب أو الجزائر حتى المصممين والرسامين هم من بلدان مختلفة.

3. ماهي برأيك تحدّيات دار المعارف القادمة؟
تحدياتنا كمؤسسة عريقة تمر بفترات ازدهار وتواجهها مشاكل مثل المشاكل التي تواجه صناعة النشر كارتفاع تكاليف مستلزمات صناعة النشر من ورق وحبر وماكينات وأجور وانحصار الأسواق في الوطن العربي مثل غياب اليمن وليبيا والعراق وسوريا نظرا للاضطرابات السياسية الموجودة وتأثر سوق الجزائر.

4. اسم دار المعارف نجده لدى دور نشر كثيرة في العالم العربي. كيف تتعاملون مع ذلك؟
صحيح، نظرا لاسمها الكبير وكون اسمها علامة تجارية في حد ذاته، كانت توجد دور نشر كثيرة في فترة من الفترات بدأوا يسمون نفس الاسم على أنه سجلنا منذ زمن طويل اسم دار المعارف وشعارها الفنارة لكي لا يتم تقليد هذا الأمر وحماية العلامة التجارية المميزة التي عمرها 130 عام.

5. من أبرز نجاحاتكم، سلاسل المغامرات للأطفال واليافعين، كيف تتعاملون معها اليوم خصوصا كتب محمود سالم، وهل هناك استمرارية لهذا النوع من السلاسل اليوم؟
عندنا أيضاً سلاسل كامل الكيلاني واحمد عطية الابراشي ويعقوب الشاروني والعمالقة في كتابة الأطفال في الكتب الدينية وفي كتب المغامرات ومجالات أخرى من الكتابة، وعندنا القصص والروايات وعندنا الكتب التعليمية... الدار تتوفر على الكثير من السلاسل للأطفال تتميز بها دار المعارف وتعتبر علامة على مستوى الوطن العربي ... أنجزنا أيضً أعمال مشتركة مع الهند وفي سلسلتين ستصدر قريباً.

6. تشاركون في معارض عربية ولا تشاركون في أخرى، كيف تختارون المعارض التي تشاركون فيها؟
نختار المشاركة في المعارض على اساس الانتشار وحماية الكتاب من التزوير.

7. هل يدخل عنصر عراقة الدار في اختياركم للمؤلفين الجدد؟
عراقة الدار يفرض علينا الدقة في اختيار المؤلفين الجدد والكتّاب عموما ودورنا في تقديم وجوه جديدة ومؤلفين جدد للساحة العربية. هذا لا يعني أننا نقف في وجه الكتاب الجدد بل إننا نظمنا مسابقة العمل الأول للموهوبين مع وزارة الشباب ونقدم فيه العمل الأول لأي موهوب ولأي عمل جديد ومن ثم تصدره الدار وتتحمل أعباءه ونقوم باحتفال كبير وجوائز للخمسة الأوائل في الرواية والقصة القصيرة والشعر.

8. هل يمكن للكتاب العربي بوضعه الحالي أن يطمح لدخول أسواق غير عربية؟في دار المعارف لدينا إدارة خاصة بالتصدير وسلسلة مكتبات على مستوى الجمهورية كعلامة تجارية ومكتبات عريقة معروفة، طورنا العمل فيها وربطناها بالتقنيات الحديثة. دخلنا في أعمال جديدة مثل النشر الرقمي وعندنا مركز النشر الالكتروني والحمد لله استطعنا تحويل 5 آلاف كتاب ونحن بصدد تحويل الزخم الكبير الذي يمتد على 130 عام ويصل إلى اكثر من 26 الف عنوان إاضفة إلى 2600 أعمال اطفال.. نحن نخطط لدخول أسواق جديدة عربية وفي أفريقيا واوروبا وبصفتي رئيس اتحاد الناشرين المصريين بدأنا بتأسيس اتحاد الناشرين الأفارقة لدعم صناعة النشر في أفريقيا والتعامل مع الناشرين على مستوى القارة الافريقية لأنها صناعة تحتاج لتعاون وتكاتف كبير بين الناشرين.

مادة خاصة بمدونة منشورات/ أجرت الحوار: بثينة عبد العزيز غريبي




الجمعة، 6 ديسمبر 2019

(ناشر في الضوء) إبراهيم صحراوي - دار التنوير/ الجزائر

 على الرغم من كونهم شركاء في إنجاز كل عمل إبداعي، إلا أن الناشرين كانوا دائما بعيداً عن بقعة الضوء التي يجلس فيها المؤلف وحده عادة. مدونة منشورات تدعوهم لحديث في الضوء...

* كيف أصبحت ناشرا؟شخصيا أصبحت ناشرا بالصدفة، فأنا أستاذ جامعي أولا... الدار التي أشرف عليها حاليا أسّسها المرحوم أخي عبد الحفيظ بن محمد صحراوي في بداية الألفية الجارية، وعندما وافته المنية رحمه الله بعد مرض لم يمهله طويلا، وجدت نفسي مضطرا للإشراف عليها وتسيير أمورها لحين النّظر في مصيرها.. لذلك لا أعتبر نفسي ناشرا محترفا ولا ماهرا في المجال، لكنني أقوم بما أقدر عليه..


* هل تعتبر أنّ النشر مهنة مهدّدة؟السؤال يحتمل إجابتين نعم ولا. نعم في ظل التطور المتنامي والسريع لتقنيات التواصل ووسائله الحديثة والبدائل التي تقترحها في مجالات عدّة ومنها الكتب الرقمية مثلا من جهة، والانصراف -نتيجة لذلك- عن المطالعة والكتاب ووسائل النشر التقليدية من جهة أخرى.. ولا، لأنّ الكتاب -بشكله التقليدي- كان على مرّ التاريخ وسيبقى الخزانة الأمثل لحفظ المعارف والعلوم والآداب والتجارب الإنسانية وسيبقى ديوان الحياة الخالد الذي لن تزحزحه مختلف التقنيات والاختراعات الحديثة في مجال نقل المعارف والعلوم والتقنيات والمعلومات....الخ. ومن ثم، لا أعتقد شخصيا أنّ مهنة النشر مهدّدة.


* ما هي الخصوصية التي ترى أنّها تميّز مؤسّستك في مشهد النشر العربي؟مؤسّستنا تسعى جاهدة لأن يكون لها موقع قدم في المجال في مستوى العالم العربي بانتقائها لمنشوراتها بدقّة وعناية وتركيزها على الكتاب العلمي في التخصصات الإنسانية والاجتماعية وانفتاحها على منتجي الفكر والقيم في كلّ اقطار العالم العربي ومشاركتها ما أمكنها ذلك في المعارض العربية ومحاولة الوصول إلى القارئ في كل مكان..


* كيف تختار المؤلفين، وهل توجد فئة منهم تفضل عدم التعامل معها؟عندما يقترح علينا مخطوط ما، أقرأه، وأدقّق ما استطعت فيه شكلا (أي لغة وأسلوبا) إن كان في حاجة لذلك وأستعين من حيث مضمونه ببعض الزملاء في التخصّص الذي يندرج ضمنه موضوعه، قد يثيرني موضوع ما أو رواية أو ترجمة أو ما إلى ذلك فأنشره بدون تردّد .. ليست لي إجابة عن الشقّ الثاني من السؤال.


* هل تتابع ما يكتب عن الدّار في الصحافة العربية؟لا. ولا أعتقد شخصيا أن أحدهم/إحداهن كتبت عن دارنا، قد يكون حدث ذلك دون أن أنتبه له، ثمّ إنّ دارنا حديثة وليست بحجم كبريات دور النشر المعروفة في الساحة العربية، قد يحدث ذلك مستقبلا إن شاء الله.


* بم تشعر حين يقرصن كتاب أصدرته الدار؟أشعر بالألم والمرارة والغيظ، ذلك أن القرصنة اعتداء مادي ومعنوي. شخصيا نشرت كتبا من تأليفي أو ترجمتي -في الدار وعند ناشرين آخرين- قبل تولي الإشراف على الدار ورأيت بعض عناويني محمّلة على النت في غوغل أو في مواقع بعينها تدّعي أنّها تساعد القراء والطلبة والباحثين وهي إنّما -وبكلّ بساطة- تسرق جهود الآخرين .. دونما استشارتهم مسبقا والتماس الإذن منهم.


* ما نوع الكتب التي تقرأها بعيدا عن العمل؟أقرأ في مختلف المجالات الإنسانية والاجتماعية، وفي مجال تخصصي الأكاديمي: الأدب وما تعلق به. كما (كنت) أقرأ الرواية والشعر والمذكّرات أشياء أخرى وأشياء أخرى في مختلف التخصصات مما يعجبني ويثير انتباهي.


* أي دور النشر تعتبرها أكثر تميزا؟هناك دور كثيرة متواجدة في الساحة (عربيا ودوليا) منذ عقود قدّمت خدمات جليلة للإنسانية وللمعارف والعلوم في شتى المجالات، وسأعفي نفسي من تسمية بعضها، ذلك أنها أوضح وأجلى من أن تُذكَر.


مادة خاصة بمدونة منشورات/ أجرت الحوار: بثينة عبد العزيز غريبي

(المؤلّف يقدّم نصّه) "يعقوب صنوع: رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة" لـ نجوى عانوس

منذ قرابة أربعة عقود تشتغل الباحثة المصرية نجوى عانوس على تراث المسرح العربي، وقد أصدرت حوله موسوعة سنة 1984 صدر بالهيئة المصرية العامة لل...